5 دقائق

تحاوروا

الدكتور علاء جراد

يقضي البعض الكثير من وقته في أمور لا تعود بأي نفع، وعلى الرغم من أننا نتكلم كثيراً عن كل شيء وطوال الوقت، لكننا نسكت عن الكلام حينما يكون الكلام مطلوباً، ونتكلم كثيراً حينما يكون الصمت هو الخيار الأمثل، خصوصاً في العلاقات مع أفراد الأسرة الواحدة والأهل والأصدقاء، الذين هم بمثابة حائط الصد وشبكة الأمان للإنسان، فيفترض أن يكون المقربون من الإنسان أكثر الناس تفهماً واهتماماً وتسامحاً، ولكن في ثقافتنا العربية هناك تناقض وفجوة كبيرة بين ما نعتقد أننا عليه وما نحن عليه بالفعل، فنقول بالعامية «المسامح كريم» لكن لا نسامح، ونعتقد أننا تجمعنا أهداف واحدة وغاية واحدة ولكننا في شتات.

من الأمثلة البسيطة على التناقضات غير المفهومة، سرعة الحكم على الآخر من دون تفهم لكل الأبعاد ومن دون تقبل أي أعذار، مع أننا يمكن أن ننتحل سبعين عذراً للطرف الآخر، لكن يأبى الكثير منا أن ينتحل ولو عذراً واحداً، أما إذا كان هو الطرف المعني فيتوقع أن ينتحل له الطرف الآخر السبعين عذراً كاملة.

في كثير من الأحيان، عند حدوث سوء تفاهم أو شقاق، يكون الحل المبدئي إعطاء الموضوع بعض الوقت قبل المحاورات والخلافات والبحث عن أدلة تدعم أقوالنا، لكننا نختار أن نتكلم ونزيد الطين بلة، بل نتمادى في التصعيد وتلتهب كرامتنا التهاباً شديداً من دون داعٍ، وقد تنقلب الآية في موقف آخر، فنفاجأ بالطرف الآخر يتوقف عن الكلام ويتخذ موقفاً حاداً من دون مبرر واضح ومن دون شرح، وقد تكون القصة كلها فهماً خاطئاً أو كلمة أو وشاية من طرف ثالث، لكن الشخص قرر أن جميع الافتراضات صحيحة واتخذ موقفاً عدائياً من دون رجعة، واختار الصمت في حين أن الكلام والتحاور هو الخيار الأمثل في مثل هذه المواقف.

بحسب موقع «ديجيتال إنفورميشن وورلد» يقضي سكان العالم العربي تقريباً ثلاث ساعات وعشر دقائق يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً الفئة العمرية من 16 الى 24 عاماً. ماذا لو قضينا جزءاً من هذا الوقت في التحدث لبعضنا وجهاً لوجه، وحاولنا فهم بعضنا.

لقد رأيت الكثير من المواقف التي قرر فيها أشخاص مقاطعة آخرين بسبب مشاركة على الـ«فيس بوك»، فُهم منها أن كاتب المشاركة يعنيه ويتهكم عليه، من دون حتى التأكد من هذه الفرضية.

يبدو أننا أصبحنا نتصيد الأخطاء لبعضنا، ونحرص بجدية على بناء أسوار بيننا بدلاً من أن نبني جسوراً للتواصل والتفاهم والتراحم، ربما الحل يكمن في أن يهتم كلٌ بشأنه ويدع الملك للمالك ويجد شيئاً مفيداً يستثمر فيه وقته.

في كثير من الأحيان، عند حدوث سوء تفاهم أو شقاق، يكون الحل المبدئي إعطاء الموضوع بعض الوقت قبل المحاورات والخلافات.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


تويتر