5 دقائق

سفراء «نص كم»

خالد السويدي

هناك هوس غريب في ما يتعلق بالألقاب، بين يوم وليلة، تسمع عن لقب سفير النوايا الحسنة لشخص لا يملك أي مؤهلات تذكر سوى أنه «يلعلع» بصوته في «سناب شات»، وتخرج واحدة من حيث لا ندري لتعلن أنها سفيرة منظمة «الواق واق» لشؤون أصحاب الهمم، وغيرها الكثير من الألقاب والمسميات العجيبة والغريبة، القاسم المشترك فيها البحث عن الشهرة واللقاءات التلفزيونية والصحافية، وغيرها.

فمن أجل الشهرة لم أعد أستغرب أبداً انتشار عشرات الألقاب، وغالباً تم شراؤها في مناسبات مدفوعة الثمن، دون أن يكون لصاحبها أي تأثير إيجابي في المجتمع، في استخفاف رخيص بالمتابعين وأصحاب التخصصات، وعلى النقيض من ذلك أصحاب الإنجازات الحقيقية والابتكارات، ومن خدم المجتمع بكل إخلاص، فنجدهم دائماً خلف الكواليس لأنهم لا يجيدون تسويق أنفسهم، ولا يحبون التصوير والتصنع والاستعراض، والأسوأ من ذلك أن العديد من المؤسسات الإعلامية باتت تستضيف من لا صنعة له سوى الكذب والتدليس على المشاهدين والمتابعين، فصارت طريقة من طرق الانتشار والدعاية لمن لا يستحق.

قد لا تكون تلك الألقاب مؤثرة، وربما تقتصر على كونها نوعاً من أنواع «البرستيج» فقط، هنا قد يكون الموضوع أقل خطورة لأنه لا يسيء إلى أحد، ولا يقدم أي ضرر، لكن هناك فرق عندما تكون تلك الألقاب نتيجة التزوير وشراء الشهادات الجامعية، لنفرض أن أحدهم قدم نفسه على أنه طبيب في تخصص معين، وأخذ يروج طريقة جديدة في العلاج، رغم أنها لاتزال قيد الأبحاث والدراسة، ثم نكتشف بالأدلة الدامغة أن الشهادة ليست حقيقية، والعلاج نفسه غير قابل للتطبيق، هنا يتحول الموضوع إلى قضية لا يمكن السكوت عنها، ويجب التحقيق فيه، ومساءلة كل من كانت له يد في بث ونشر الوهم والكذب.

المجتمع صار أكثر وعياً من ذي قبل، وأصبحت لديه القدرة على كشف الأكاذيب والشهادات المزورة وبائعي الأوهام وتجار العلاج بالطاقة، وغيرهم ممن يسلكون تلك الطرق الملتوية، ولم يعد الموضوع مقتصراً على الجهات الرسمية، بل إن أفراد المجتمع أصبحوا شركاء لا يُستغنى عنهم في كل كشف مثل هؤلاء.

ختاماً.. لابدَّ أن أذكر مقولة الشاعر البريطاني الراحل جورج بايرون: «تحب الحماقة الشهادة في سبيل الشهرة»، ففي وقتنا الراهن ما أكثر الكاذبين الباحثين عن الشهرة، وما أكثر الإمَّعات الذين يصفقون لهم!

المجتمع صار أكثر وعياً من ذي قبل، وأصبحت لديه القدرة على كشف الأكاذيب والشهادات المزورة.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر