كـل يــوم

المتابعة والرقابة لإيقاف تجارة الطب الخارجية!

سامي الريامي

مرضى في الخارج، خصوصاً في أوروبا وأميركا، بدأوا يشعرون فعلاً بأن المستشفيات التي يتلقون علاجهم فيها تتعامل معهم بشكل تجاري واضح، وأهم ملامح ذلك التعامل يكمن في تكرار الفحوص الطبية الصعبة بشكل مبالغ فيه، وإعطائهم مواعيد متباعدة للمتابعة مع الدكتور المختص، كما أن هناك مرضى ينتظرون فترات طويلة جداً، تتجاوز أحياناً سنة كاملة وأكثر، قبل إجراء عمليات مثل زراعة أعضاء، في هذه السنة تصرف الدولة، ويصرف المريض ومرافقوه مئات الآلاف، وهم فقط ينتظرون موعد إجراء العملية، ما يشكل ضغطاً مالياً، وضغطاً نفسياً، ومعاناة حقيقية للمريض وأهله!

نُدرك تماماً أن هناك عمليات صعبة ومعقدة، وندرك تماماً أن هناك شروطاً صعبة للحصول على أعضاء قابلة للزراعة، لكن ما يلاحظه المرضى أن هناك عدم مبالاة، أو بالأحرى عدم جديّة في التعامل مع حالاتهم، ما يجعلهم يشعرون بأن الهدف من انتظارهم هو هدف تجاري بحت، من أجل ملء فاتورة العلاج بمئات الآلاف من الدولارات، خصوصاً أن هناك دولاً في آسيا مثلاً لا تستغرق فترات انتظار عمليات الزراعة فيها سوى أسابيع قليلة!

من هنا فإن الأمر يحتاج إلى متابعة دقيقة، بل ومراقبة حكومية على تصرفات المستشفيات، من قبل الجهات المشرفة على علاج المواطنين في الخارج. صحيح أن هذه المتابعة والرقابة موجودة إلى حد كبير في الدول التي تتولى الرعاية فيها ملحقية صحية واحدة، تُشرف على جميع مرضى الإمارات، بغض النظر عن الجهة التي تكفلت بعلاجهم، إلا أنها ضعيفة للغاية في الدول التي تتعدد فيها جهات الإشراف على المرضى، ما يفتح المجال أكثر للمستشفيات للتلاعب والاستغلال، لأنها تدرك أن المتابعة ضعيفة، والرقابة معدومة، وقراراتها وطلباتها مُنفذة، وغير قابلة للنقاش أو المساءلة!

الدولة تُنفق مليارات الدراهم سنوياً على العلاج في الخارج، وهي لا تتذمر أبداً من ذلك، فصحة مواطنيها أهم لديها من المليارات، والمرضى لا حول لهم ولا قوة، ولا يستطيعون مجادلة الأطباء أو الاعتراض على قرارات المستشفيات، ولذلك ظهر الاستغلال، واتضح وجود من يريد الاستفادة قدر الإمكان من المرضى، وعلى حساب صحتهم وتعبهم وتعب أهاليهم ومرافقيهم!

ولا حل لهذه المشكلة سوى المتابعة الدقيقة والرقابة المشددة، واتخاذ إجراءات قانونية تجاه تلك المستشفيات التي يثبت تلاعبها، والابتعاد عنها وعن الدولة بأسرها إن تكررت حالات الاستغلال، فالطب اليوم لم يعد حكراً على أوروبا وأميركا، عندها فقط سيدركون أن الأمر جدّي، وعليهم التعامل مع المرضى بمهنية وجدية ومبادئ تتناسب مع القيم السامية لهذه المهنة الإنسانية، لا من زاوية تجارية بحتة، تهدم كل القيم الطبية والإنسانية!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر