كـل يــوم

عندما يتحوّل الطب إلى تجارة عالمية!

سامي الريامي

مبالغ طائلة تتحملها دول الخليج، بشكل عام، لعلاج مواطنيها في الخارج، ورغم تعدد أرقام هذه المبالغ الواردة في تقارير عن العلاج في الخارج لمواطني دول الخليج، إلّا أن النتيجة المؤكدة أنها مرتفعة جداً، ففي حين كشف مؤتمر دولي بدبي، العام الماضي، عن تزايد حجم الكلفة التي تتحملها دول الخليج إلى أكثر من 5.5 مليارات دولار لعلاج رعاياها في دول أوروبا وآسيا وأميركا، أشارت تقارير طبية أُخرى إلى أنها تُنفق ما يقارب 20 مليار دولار سنوياً!

وإذا صح هذا الرقم الأخير، فهذا يعني أن دول الخليج تُنفق ما يعادل 15% تقريباً من سوق السياحة الطبية العالمية، وتتوقع التقارير الطبية أن تتجاوز هذه السوق العالمية 130 مليار دولار بحلول 2025!

في هذه التقارير لا يوجد رقم خاص بحجم إنفاق دولة الإمارات على علاج مواطنيها في الخارج، إلا أنه يمكننا التوقع أن نسبة كبيرة من هذه المليارات الخليجية، تشكّل نصيب الإمارات، فالدولة هُنا لا تبخل أبداً على صحة مواطنيها، وهي تبذل جهوداً ضخمة جداً من أجل توفير علاجات لهم في شتى دول وقارات العالم، وترسل سنوياً مئات الحالات.

عموماً ما يلفت النظر في التقارير الطبية هو استخدامها لمصطلح «سوق السياحة الطبية العالمية»، وللوهلة الأولى قد نشعر بوجود غرابة في الجمع بين كلمتَي «سوق» و«طب»، إلّا أن الواقع يؤكد صحة ذلك، وهذه التجارة الطبية بدأت تتكرس بشكل واضح في معظم المستشفيات العالمية الشهيرة، حيث تحوّل الطب والرعاية الصحية إلى سوق وتجارة، وذلك بسبب الحاجة الملحة إلى الرعاية الصحية المتطورة من قبل مواطني دول الخليج، فبات من البديهي أن تتنافس شركات قطاع الرعاية الصحية على المرضى الخليجيين، وتبتكر أفكاراً وحلولاً جديدة لجذبهم، أو بالأحرى استنزاف ميزانيات دولهم!

في فرنسا، على سبيل المثال، هناك مسمى رسمي لقسمِ يُدعى «قسم تجارة الرعاية الصحية» تقول رئيسته، لورينا كابريرا: «نحن نركز اليوم على ترويج المستشفيات الفرنسية إلى المرضى الخليجيين، لدينا حلول مبتكرة، خصوصاً في مجال أمراض السكري والأورام، نريد أن نهتم بالمرضى من جميع أنحاء العالم، خصوصاً من الخليج»!

وهذا ما بدا ملاحظاً في كثير من الدول الأوروبية، وحتى في أميركا، حيث التركيز على «التجارة العلاجية»، التي بدورها ترفع الفاتورة لأي مريض إلى خمسة وستة وعشرة أضعاف الكلفة العلاجية الحقيقية، فيصبح المريض عُرضة للتجارب، والفحوص غير الضرورية، والمواعيد الطويلة، والمماطلة في الخروج من المستشفيات، وتبقى الدولة في حيرة من أمرها، حيث تتنازع لديها الرغبة في توفير علاجات لمواطنيها، والاستجابة في الوقت ذاته لابتزاز المستشفيات!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر