5 دقائق

النصب العلمي

الدكتور علاء جراد

في عام 2011 اضطر مسؤول ألماني بارز، يدعى كارل تيودور تسو غوتنبرغ، إلى الاستقالة من منصبه وزيراً للدفاع، بعد اتهامه بسرقة علمية في رسالته لنيل شهادة الدكتوراه. وبناء عليه، سحبت منه جامعة بايرويت الألمانية لقب الدكتوراه. السرقات العلمية أو Plagirism مشكلة عالمية لا تخلو منها دولة، لكنها تكثر في العالم العربي والكثير من دول العالم الثالث، وقد تكون بسبب الجهل بأصول البحث العلمي، فلا يوجد ما يمنع من الاستعانة والاسترشاد بأعمال ودراسات الآخرين شريطة ذكر المصدر، وإن كان مطلوباً إذن كتابي فيجب الحصول عليه من صاحب العمل الأصلي، ولا تقتصر العملية على اقتباس أجزاء من عمل الآخرين دون إعطائهم حقهم المعنوي على الأقل، لكن يمتد النصب العلمي لأكثر من ذلك، بداية من تزوير شهادات «التوفل» و«الأيلتس»، وهي أحد المتطلبات الرئيسة للدراسة الجامعية، خصوصاً في الخارج، وانتهاء بشراء الشهادات، سواء كانت دورات تدريبية لأيام عدة أو شهادات دراسات عليا، فهناك الكثير من المواقع التي تبيع شهادات مختومة وعليها توثيق الخارجية، وتباع غير معبأة حيث يضع المشتري اسم الشهادة أو البرنامج التدريبي الذي يرغب فيه.

هذه الآفة تؤدي إلى كثير من الآثار السلبية على اقتصاد أي دولة، وقد تؤدي إلى كوارث نتيجة الاعتماد على تلك الشهادات المزورة، في منح وظائف لنصابين يعيثون في الأرض فساداً ويتلاعبون بحياة وصحة الناس، وللأسف يمتد ذلك النصب لكل المجالات، لقد حاولت بعض الدول وضع نظام للتأكد من مصدر الشهادات والتحقق من توثيقها حسب الأصول العلمية، وليس مجرد ختم توثيق الخارجية، لأن وزارات الخارجية ليست جهة الاختصاص الأكاديمي والعلمي. وكالعادة في مثل هذه القضايا فالمسؤولية مشتركة بين الجهات الرقابية والرسمية وبين الأفراد وكل المؤسسات، فالجهات الرقابية بحاجة إلى متابعة قنوات الإعلان، وتتبع مثل تلك الجهات التي تبيع الوهم، وتطبيق القانون عليها دون هوادة، والأفراد بحاجة إلى أن يكونوا أكثر إيجابية بأن يتم الإبلاغ عن مثل تلك «الدكاكين» التي تبيع الشهادات المزورة والتي لا تستحق ثمن طباعتها.

من ناحية أخرى، تلعب المؤسسات الدينية والتربوية والجمعيات الأهلية دوراً في غاية الأهمية في توعية الناس ومساعدتهم في فهم السلوكيات الحميدة. نحتاج إلى نهضة وصحوة قيمية وأخلاقية في كثير من الأمور، والحل دائماً أن يبدأ كل منا بنفسه، ولا يقبل الخطأ أو يسكت عنه، بل لابد من الإبلاغ عنه للجهات المختصة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

هذه الآفة تؤدي إلى كوارث، نتيجة الاعتماد على تلك الشهادات المزورة في منح وظائف لنصابين.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر