5 دقائق

كوشة عزاء

خالد السويدي

ربما لم يسمع الكثير منا عن «بناة المدينة»، وهي جهة تابعة للمجلس التنفيذي لحكومة دبي، تعمل بشكل مشترك للتنسيق مع عدد من الدوائر والجهات الحكومية، مثل القيادة العامة لشرطة دبي، وهيئة تنمية المجتمع، وهيئة الطرق والمواصلات، وهيئة كهرباء ومياه دبي.

من ضمن واجبات «بناة المدينة» ما يعرف بتسهيل شؤون ذوي المتوفين، وهي خدمة تعنى بالدفن والترحيل واستقبال الجثامين وخيام العزاء، الأمر الذي يترك أثراً إيجابياً لدى أهل المتوفى، ويوفر عليهم الأعباء المالية الكبيرة التي يتحملونها، بداية من مصروفات خيام العزاء، وتقديم واجب الضيافة للمعزين، وغيرها من النفقات والمصروفات التي لا يستطيع البعض تحملها.

ومع كامل تقديري لما تقوم به «بناة المدينة»، إلا أنني أعتقد من وجهة نظر شخصية أن هناك حاجة ماسة إلى توجيهات عليا، وتدخل من الهيئات المختصة في ما يتعلق بمناسبات العزاء على مستوى الدولة، إذ إنها تحولت من مناسبات للمواساة إلى مناسبات للاستعراض عند البعض، فصار البعض يتفنن في نوعية الخيام، ويجلب أفضل المطاعم لتقديم الوجبات للمعزين، بل إن هناك من يضع «بوفيه» لتقديم الولائم والحلويات والمشروبات، وأعتقد أن المنكر الوحيد الذي لم نشاهده حتى الآن، ولا أستبعده، أن يتم تجهيز «كوشة» يجلس عليها أهالي المتوفى ليتقبلوا واجب العزاء من المعزين، كأن العزاء تحول إلى حفل زفاف أو عيد ميلاد لأحد مشاهير الغفلة في هذه الأيام.

قديماً جرت العادة عند البعض بقيام جيران المتوفى بتجهيز الطعام لأهل المتوفى، مواساة وتعاضداً معهم، ولا غضاضة في ذلك ولا اعتراض، إلا أن ما صار يحدث خلال السنوات الأخيرة تحول إلى مناسبة لا شأن لها بمناسبة العزاء، ولا أعرف ما الحاجة إلى كل مظاهر البذخ طالما أنها مناسبة للمواساة فقط لا غير.

نحتاج بين الحين والآخر إلى مراجعة تامة لما يحدث في المناسبات الاجتماعية المختلفة، بداية من حفلات الزفاف والتجهيزات لها والتكاليف الخيالية والمبالغ فيها، وانتهاءً بخيام العزاء، التي أصبحت تنافس حفلات الزفاف في كل شيء، وحتى يأتي هذا اليوم لا نقول سوى أعاننا الله على «الفناتك» والهبات الجديدة والمناكر التي ستخرج لنا من حيث لا ندري.

لا أعرف ما الحاجة إلى كل مظاهر البذخ طالما أنها مناسبة للمواساة فقط لا غير.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر