5 دقائق

التسامح في فكر زايد ومنهجه

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

نتحدث كثيراً عن التسامح لنرسِّخ مفهومه وصوره وتطبيقاته، وأحسن ما يرسِّخ ذلك هو المنهج العملي الذي كان يتمثَّلُه رائد التسامح في العصر الحديث، إنه الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، ذلكم الرجل الذي تشرَّب بمعاني الإخاء الإسلامي والإنساني، فعاش به مع الناس أجمعين سعيداً في نفسه مُسعداً غيره، فأحبه الناس أجمعون، وهو دليل محبة الله تعالى للعبد، كما ورد به الحديث الصحيح.

- كان زايد الحاكم

متسامحاً، فلم

يكن ينازع أحداً

في أرض أو مال

أو فكر.

لقد رأى الناس في سيرته ومنهج حياته كيف عايش الإنسان متسامحاً في نفسه، فكانت تصرفاته كلها متسامحة، فلمسوا التسامح في سياسته كحاكم، ومسؤوليته كراعٍ، وحنانه كأب، ومحبته كأخ، ونظرته للمستقبل كمفكر.. وكل ذلك هو مَعين الإسلام الذي أوجب علينا أن نعيش بهذه المعاني، بحكم استخلافنا في الأرض كبشر نعبد الله تعالى، ونعمر الأرض ونتآخى متعاونين متعارفين، وبذلك نحقق السعادة لأنفسنا ولغيرنا.

وأما تسامحه كراعٍ لرعيته وشعبه وقاطني وطنه، فحدّث عن ذلك ولا حرج؛ فقد أعاد فيه منهج الخلافة الراشدة الذي سجله التاريخ بكل فخر، فأحياه زايد بعد اندراسه من قرون طويلة، فلم يدخر شيئاً عن شعبه، ولم يأل جهداً في نفعه، ولم يبحث عن هناتِ أحد، ولم يحاسب مقصراً، ما حمل البعض على ألا يتعفف عن المسألة أو طلب الحاجة والإلحاح في المسائل إلى غير ذلك، وهو يُسرّ بذلك ويحث حاشيته على توسيع الدائرة للمحتاجين، وإبلاغه بذوي الحاجة، حتى تأصل هذا المنهج في حكمه وترسخ في خليفته - أطال الله عمره في صحة وعافية - وأبنائه وشعبه.

ولا أدل على ذلك من هذه العطاءات والجوائز التي تصل وتمنح للقريب والبعيد، من غير نظر إلى خلفيات عرقية، أو ما تحمله دول الفائزين من نظرة غير منصفة ولا معاملة حسنة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فهذه جائزة سمو الشيخ سيف بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، للتحبير للقرآن الكريم وعلومه، سلمها سموه برحابة صدر ومحبة وسماحة كاملة للمتسابق الإيراني، وغيره من الدول العربية والإسلامية، جنباً إلى جنب مع الفائزين المواطنين، لأنه يمثل التسامح الذي تربى عليه في حضن والده المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهكذا هي أفعال بنيه الميامين في كل مجالات النفع العام للبشرية.

وهذه مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، التي بلغ مجموع المستفيدين منها 70 مليون شخص من 86 دولة، كما أعلنته النتائج السنوية لأعمال مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لعام 2018، التي تُوجت بذلك الحضن الدافئ لتلك الفتاة الطاجيكية، التي استعادت عافيتها من عيوب خِلقية قاتلة، لولا لطف الله بها بتلك المبادرة من هذا القلب الرحيم، وهو منهج زايد المتسامح الذي نهل وعلَّ منه الشيخ محمد بن راشد كأحد أبناء صلبه الكرام، وهو الذي يفاخر به دائماً.

والخلاصة أن هذا التسامح، الذي هو منهج شيوخنا ودولتنا بل وشعبنا الكريم، هو الذي كان ينشده زايد الخير - عليه الرحمة - ولابد أن نكون جميعاً به متحلين وله داعين.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر