5 دقائق

حتى البكتيريا تكره الوجبات السريعة

الدكتور علاء جراد

ربما أوحت لي أجواء شهر رمضان المبارك بأن أكتب عن موضوع أثار اهتمامي منذ فترة، وهو مشروع مجتمعي صحي مطبق في بريطانيا، والذي اقتبسته بريطانيا من الولايات المتحدة. المشروع يسمى The British Gut أو مشروع الأمعاء البريطانية، ويتم تمويله بالكامل بنظام التمويل الجماعي أو Crowdfunding. وفكرته ببساطة أن يرسل كل من يرغب عينات يتم تحليلها لمعرفة حالته الصحية، وأي نوع من البكتيريا يوجد في أمعائه، شريطة أن يوافق الشخص على نشر نتيجة التحاليل ضمن قاعدة بيانات ضخمة يتم إتاحتها لمختلف المؤسسات البحثية والصحية لغرض البحث العلمي، وتدير المشروع كلية كنجز كوليجز، وهي من أفضل الجامعات في العالم. المشروع يعنى بحزمة كبيرة من التحاليل التي تدرس أنواع البكتيريا التي تساعد على الهضم والتي تؤثر في صحتنا الجسدية، وبالتالي الصحة النفسية.

لقد ساهم هذا المشروع في رفع وعي الناس بنوعيات الغذاء وما يجب أن يتناولوه وما يجب الابتعاد عنه، وقد تم ربط تلك المعلومات بأنظمة التغليف وتعبئة المنتجات الغذائية، حيث هناك خمسة أنواع من الأغذية التي يجب أن يتناولها الإنسان يومياً وكميتها، وبالتالي فإن معظم الأغذية في بريطانيا يتم طباعة تلك المعلومات عليها، فمثلاً تناول 100 غرام من المكسرات يعادل جزءين من المكونات الخمسة اليومية، وتفاحة تعادل جزءاً من الخمسة أجزاء.. وهكذا. وقد قام البروفيسور تيم سبيكتور أستاذ الأوبئة الوراثية في كنجز كوليدج بدراسة بسيطة على ابنه توم مدتها عشرة أيام، تطوع ابنه بالاشتراك فيها، وهي أن تكون جميع وجباته لمدة 10 أيام من أحد مطاعم الوجبات السريعة، وقام بأخذ عينات من برازه قبل وأثناء وبعد التجربة، ولقد جاءت النتائج مؤكدة للدراسات السابقة التي نشرت بخصوص أضرار الوجبات السريعة، لكن المهم هنا أنه اكتشف أن مكونات الوجبات السريعة لا تتناسب حتى مع بكتيريا الهضم، وقد طرأت تغيرات عديدة على ابنه أهمها شحوب لونه والشعور بالكسل والخمول، وقد ساء نظام الهضم لديه وأصبح يعاني اضطرابات في المعدة بصفة مستمرة.

كان أول شيء فعله توم بعد الأيام العشرة أن بدأ يكثر من تناول الخضار والفاكهة، وقد تعلم الكثير من تلك التجربة. نخلص هنا إلى بعض الأمور المهمة، وهي أهمية زيادة الوعي بأضرار ومخاطر الوجبات السريعة بطرق توعوية غير تقليدية، حيث ثبت أن أسلوب المحاضرات والإعلانات عديم الجدوى، نحن بحاجة في كل دولة عربية لمشروع دراسة الأمعاء وإشراك الناس، وبخاصة الشباب في المشروع، كما نحتاج لتضمين ذلك في المناهج التعليمية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر