كـل يــوم

سطحية وسذاجة مؤثرين على مواقع التواصل!

سامي الريامي

مؤسف جداً ما نراه اليوم من تفاهات بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض أولئك الذين يُصنفون بأنهم مشاهير أو مؤثرون على التواصل الاجتماعي، أصبحوا لا يخجلون من التلفظ بأي كلمة، أو تصوير أنفسهم بأي شكل، أو تمثيل أي مشهد، دون ضوابط اجتماعية، ودون رقابة ذاتية، ودون الشعور بأي حرج تجاه أنفسهم، أو تجاه المجتمع، يرفعون شعار «كل شيء ممكن، وكل شيء مُباح»، بغرض زيادة المتابعين، وحصد مال الإعلانات، فالغاية إذاً هي التي تبرر الوسيلة!

وصل البعض منهم إلى مستوى هابط جداً، هو في الحقيقة انعكاس لحياتهم وبيئتهم الواقعية، والتي يحاولون من خلالها الانتشار وتحقيق أرقام متابعة عالية، تؤهلهم لزيادة أسعارهم الإعلانية، وذلك على حساب ضرب القيم والأخلاق، وإبراز نماذج وشخصيات سيئة، سيرةً وخُلقاً، لتصبح القدوة والنموذج لأعداد كبيرة من جيل جديد لديه هوس مطلق بهذه المواقع، فأي مستقبل ننتظره من هذا الجيل الذي يتلقى يومياً رسائل وإيماءات وحركات سلبية للغاية من رواد ومشاهير تواصل اجتماعي، يعتقدون أن الشهرة تكمن في قلة الذوق والأدب والإيحاءات اللاأخلاقية!

في دراسة حول مؤثري التواصل في الخليج، استهدفت هؤلاء المؤثرين، طرحت أسئلة من قبيل من هم؟ وما الذي يميزهم فأوصلهم لما هم عليه من الشهرة؟ وما سبب ثقة الناس بهم؟ ولاشك أن هذه الأسئلة مهمة جداً، فكل ذلك يعكس مستوى ذكاء الشعب وحصانته الفكرية!

بدأت الدراسة بكتابة استبيان وإرساله إلى أكثر من 100 مؤثر، فلم يتجاوب معهم سوى 11 شخصاً فقط، وهو عدد ضئيل جداً، استنتج من خلاله الباحث أن معظم المؤثرين في الخليج العربي لا يهمهم رأي متابعيهم بالمحتوى المقدم، لذلك فمن المرجح أنهم لا يهتمون بما يقدمونه لمتابعيهم، ولا يهتمون أيضاً بمستوى متابعيهم الفكري.

ومن خلال استبيان هذه الدراسة اتضح أن معظم المؤثرين (36.4%) يقدمون حياتهم اليومية كمحتوى يشاركون به متابعيهم، وهذا النوع من المحتوى غالباً يكون بلا هدف واضح سوى جذب المتابعين، أما النوع الثاني من المحتوى، وهو الساخر المضحك، فقد سجل نسبة 27.3%، وهو أيضاً محتوى لا هدف واضحاً منه، وهنا تكمن مشكلة حقيقية هي السقوط نحو الإسفاف، اعتقاداً منهم أنه أسهل طريقة وأقرب وسيلة لإضحاك المتابعين!

هذه الأرقام بعد جمعها تعني، للأسف الشديد، أن 63.7٪‏ من محتوى مؤثري الخليج هو محتوى سطحي تافه بلا هدف أو قيمة واضحة تخدم المتابع أو المجتمع، في حين هناك 36.3% من المؤثرين كان محتواهم متخصصاً في مجالات معينة كعلوم الطبيعة، وعلم النفس، والتوعية الصحية.

كما أن إحدى النقاط المؤسفة أيضاً في الاستبيان، لكنها متوقعة بعد معرفة نوع المحتوى المقدم، أن 54٪‏ من المؤثرين لا يقومون بأي إعداد مسبق للمحتوى المقدم قبل بثه، ولهذا السبب تحديداً نشاهد يومياً سقطات ومهازل أخلاقية واجتماعية من هؤلاء المؤثرين، ولهذا السبب أيضاً انتشرت السذاجة والسطحية وقلة الذوق، ولهذا السبب أيضاً قرر أحدهم فجأة دون مبررات الحديث علانية عن علاقة الزوجة الحميمة بزوجها، ونصّب نفسه متحدثاً رسمياً عن النساء ليتلفظ بكل ما هو قبيح، متجاهلاً تأثير مثل هذا النقاش السلبي على أجيال صغيرة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر