5 دقائق

المجتمع ليس جاهلاً

خالد السويدي

بات تأثير الكلمة قوياً في عالم هذا اليوم، إذ من الممكن أن تطلق عبارة وجملة وفكرة فتنتشر بسرعة البرق، تتداولها وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تثير الضجة والجدل، وقد تسهم في إيصال معلومة مفيدة، وربما تكون عبارة ملغومة، يقصد منها الفتنة وإيقاع الضرر وتفريق المجتمع.

- لكل مجتمع خصوصياته

وعاداته وأفكاره، التي

لا يقبل أن تتغير بطريقة

النسخ واللصق.

خلال الفترة الأخيرة بدأ البعض في الخروج عن المألوف في طرح الآراء والأفكار، وإن كنت شخصياً أؤمن بتجديد الأفكار ومراجعتها مراجعة شاملة، لتتناسب مع العصر الذي نعيش فيه، إلا أن المشكلة الكبرى في طريقة الطرح والمراجعة، وتجهيز التهم المعلبة لمعظم ما تعلمناه، كأن الواحد منا كان يعيش في العصر الحجري لا يعرف يمينه من شماله، ومعظم ما تعلمناه ودرسناه وعايشناه، خلال العقود الماضية، كان عبارة عن جهل مركَّب نتاج العيش في عصر الظلمات.

هناك من يظن - وقد خاب ظنه - أن النبرة الاستعلائية في الطرح ستكون ذات جدوى للمجتمع، وأن الشريحة الكبرى مستعدة لأي تغيير، حتى وإن لم يتناسب مع هوية المجتمع وقيمه وتقاليده، بل إن الإشكالية التي لم يستوعبها البعض تتمثل في أن معظم من يحاول طرح تلك الأفكار ليس لديه قبول من المجتمع، أو لا يستطيع توصيل الفكرة بطريقة مبسطة، وبالتالي فدائماً تكون ردود الأفعال عكسية تماماً، تصاحبها نقاشات حادة خارجة عن إطار الحوار العقلاني والمنطقي.

العالم يتغير سريعاً من حولنا، ومن واجبنا التكيف معه، ومجاراته في ذلك التسارع المجنون، إنما لا يعني ذلك أن نكون نسخة من المواطن الأوروبي أو الياباني أو الأميركي، فلكل مجتمع خصوصياته وعاداته وأفكاره، التي لا يقبل أن تتغير بطريقة النسخ واللصق، لأن أحدهم أعجب بها، ويريد تطبيقها علينا.

الوضع الحالي صار مثل سوق الخضار والفواكه، هناك العديد من الباعة الذين يعرضون بضاعتهم، وستجد الفواكه والخضراوات الطازجة وغير الطازجة، وتلك الفاسدة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي التي يغريك سعرها، إنما في النهاية الخيار للإنسان وحده، فإما أن يشتري ما ينفعه ولا يضره، وإما أن يشتري الفاسد فيتسمم.

يقول الراحل الدكتور مصطفى محمود: «علينا أن نفتح العيون والعقول جيداً، فما أكثر الذين يريدون قتلنا باسم الفكر والفن، وما أكثر ما نصفق لأفلام هي الدعارة بعينها، وليس كلُّ ما نقرأ من كتب، ونرى من أفلام، هي محاولات بريئة لتسليتنا».

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر