5 دقائق

الكرام لا تغيّرهم المناصب

خالد السويدي

تعرفت إلى صديقي سلطان قبل سنوات عدة في معرض الكتاب، كان شخصاً مغموراً لا يعرفه إلا القليل من الناس، خصوصاً أنه ليس من الباحثين عن الجدل، ولا يملك الرغبة الجامحة في أن يكون مشهوراً لأسباب تافهة.

سلطان من أولئك الأشخاص، الذين ينظرون إلى العالم نظرة مختلفة عن كثير منا، يريد أن يسود الحب، وتتصافى الأنفس، وأن نعيش في حب وسلام، يرى أن التنوير خطوة مهمة في هذا العالم، تنوير غير مرتبط بأجندة معينة، أو بأفكار مشوهة، إنه التنوير الذي يهدف إلى تثقيف المجتمع، والتخلي عن الخزعبلات، والأفكار المغلوطة.

عندما يختلف معي في وجهات النظر، فإنه لا يهاجمني بل يبادر بتوضيح وجهة نظره، أحياناً كنت أقتنع بوجهة نظره، وأحياناً لا أتفق ولا أقتنع، رغم ذلك فإنني لم أجد منه سوى الابتسامة والاحترام المتبادل.

سلطان الكاتب لم ينظر إليَّ بنظرة الكاتب المنافس، ولا أن الكاتب يسرق الأضواء من زميله الآخر، إنه من النوع الذي يتمنى الخير لأصدقائه كما يتمناه لنفسه، فلم أستغرب أبداً عندما يتصل بي لأكتب مقالاً عن موضوع معين، لأنه يؤمن بمقدرتي على الكتابة عنه، ثم إنه ليس مثل الكثير من الكُتاب الذين يتهرَّبون من زملائهم عند السؤال عن نقطة معينة تتعلق بكتابة الرواية، بل لا يتوانى في تقديم النصح والمشورة، وإبداء الملاحظات.. دون أي استياء أو تذمر.

كنت سعيداً جداً، عندما حصل صديقي على جائزة سلطان العويس للإبداع ، لم أقرأ الرواية، ولا أعرف شخصياتها، إنما سعادتي كانت نابعة من محبتي لهذا الشخص، الذي يحب الخير لغيره.

قبل أشهر تم تعيين سلطان في منصب كبير، يومها ترددت في مراسلته أو الاتصال به، سألت نفسي السؤال الكبير: هل سيتغير سلطان، ويصبح شخصاً مختلفاً؟ وهل ستخطفه الأضواء من محيطه؟ كنت أتمنى أن أراه كما هو، وألا يصيبه الغرور كما أصاب غيره، وألا يبدأ في التسلط على خلق الله.

مرَّ الشهر بعد الآخر، وأنا أتوقع أن يصاب بحمى الغرور، قبل أيام أمسكت بالهاتف واتصلت به، عندما أجاب على الهاتف توقعت أن يتذرع بالانشغال أو بالاجتماعات، لكن على عكس ما توقعت ظل سلطان بسيطاً مثلما كان قبل المنصب، متواضعاً هادئاً يحب الخير لغيره كما كان دائماً، حينها أيقنت أن الرجال الكرام لا تغيرهم المناصب!

• التنوير خطوة مهمة في هذا العالم، تنوير يهدف إلى تثقيف المجتمع، والتخلي عن الخزعبلات، والأفكار المغلوطة.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر