5 دقائق

«يوماً ما»

الدكتور علاء جراد

استلهمت هذا المقال من الزميل خالد البلوشي، أحد طلابي سابقاً، الذي أصبح أحد أصدقائي في ما بعد، حيث دائماً ما يردّد حكمة لباولو كوهيلو، وعلى قدر بساطتها فإنها عميقة جداً، واليوم فكرت فيها كثيراً ورأيت أن أشارككم تأملاتي، تقول الحكمة: «يوماً ما أو أول يوم.. إنه قرارك» One Day or Day One, You Decide. إننا جميعاً لدينا أحلام قد تكون كثيرة أو قليلة، طموحة جداً وصعبة المنال، أو بسيطة ويمكن تحقيقها ببعض العمل، لكن الغالبية العظمى منا قد يحلمون طوال حياتهم دون أخذ خطوة واحدة إلى الأمام لتحقيق أحلامهم، أو يتراجعون مع أول فشل أو إخفاق، ودائماً ما نقول لأنفسنا يوماً ما سأفعل كذا وكذا، أو سأبدأ ذلك المشروع، فالبعض مثلاً لديه حلم استكمال الدراسات العليا، أو افتتاح مشروعه الخاص، أو السفر إلى دولة ما أو دول عدة، لكن نقول يوماً ما.

إن ذلك الـ«يوماً ما» قد لا يأتي أبداً، فالحياة قصيرة، والأمل كبير، لذلك فالبديل لـ«يوماً ما» هو «أول يوم»، أي أن يبدأ الإنسان في اتخاذ خطوات فعلية نحو تحقيق الحلم، أو على الأقل وضع خطة زمنية لتحقيقه، وإن طال زمن الخطة، وبالتالي فبدلاً من أن نقول «يوماً ما» لنبدأ العمل، ويكون اليوم هو أول يوم. إن هذا الطرح ليس من نوعية الكلام المستهلك والسمج الذي يردّده مدعو التنمية البشرية ويتناقلونه عن الغرب كالببغاوات، لكنه كلام حقيقي ومجرب، وقد طبقته شخصياً أكثر من مرة، وثبت نجاحه على مر السنين، كما كنت شاهداً على تجارب الكثيرين من الزملاء والأصدقاء من كلا الفريقين، فريق «يوماً ما» وفريق «أول يوم»، لقد قدمت إلى الإمارات عام 1994، وأعرف زملاء ممن قدموا معي أو قبلي طوّروا من أنفسهم، وعملوا بجد واجتهاد نحو تحقيق أحلامهم، فاختلفت حياتهم وحياة المحيطين بهم. وزملاء آخرون لم يتحركوا خطوة واحدة منذ ذلك العام، ولا يمكن الحكم طبعاً لماذا أو ماذا يفعل الآخرون، لكن الفكرة هنا أننا إن لم ننتبه لاتخاذ خطوات نحو تحقيق أحلامنا فببساطة لن تتحقق.

كثيرون تحدثوا عن أن أكثر ما يندم عليه الإنسان هو الأشياء التي لم يتسن له القيام بها، وليس الأشياء التي قام بها، لذلك من المهم أن يراجع الإنسان نفسه ليعرف ما هو حلمه الأساسي أو هدفه ثم يقوم بتحليل أسباب عدم البدء به، هل قلة الوقت؟ هل قلة المال؟ هل الظروف الاجتماعية؟ ولا شك أنه إذا كان الحلم حقيقياً فسيجد الإنسان وسيلة لتحقيقه.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر