ملح وسكر

قصة جميلة لم تكتمل

يوسف الأحمد

عدنا من حيث ابتدأنا، وانتهت الرحلة بخيبة أمل بعد نهاية حزينة ومؤسفة مثلما توقعها البعض، حيث خرجنا بخفَّيْ حنين، ولم تكتمل نهاية القصة الجميلة التي انتظرت الجماهير أن يكون الأبيض بطلاً لها، فالصدمة كانت عنيفة وصَعُب على الوسط تقبلها، لتأتي صرخته المدوية بالتدخل الحازم لإنقاذ كرة الإمارات، بعد سقوطها وفشلها على أرضها للمرة الثانية. فقد فضلنا احتواء المنتخب أثناء البطولة وتجنيبه المؤثرات المزعجة، بل عملنا على التبرير له ولجهازه الفني، رغبةً في المحافظة على روح الهدوء والاستقرار، وإبعاده عن أية منغصات قد تُفسد وتشتت الأذهان، مع التسليم بأن الحالة الفنية غير مبشرة ومقلقة، لكن لظروف المشاركة بالبطولة، وقسوة الوقت، وصعوبة القرار، كان لزاماً على الجميع أن يدفع بسفينة المنتخب، ويغض الطرف عن الأخطاء والهفوات علها تصل به للمحطة المنشودة، إلا أنها عجزت وتوقف محركها لتغرق في بحرٍ من الأمواج المتلاطمة.

- صحيح أننا أخفقنا في

تحقيق البطولة، بيد أننا

نجحنا في تنظيمها،

وفزنا باحترام وتقدير

ضيوفنا.

وعلى أثره.. فالوقفة الجادة حان وقتها مع مكاشفة ومحاسبةٍ، تقيس وتُقيم الوضع بدءاً من مراجعة السياسات والبرامج (إن وُجدت)، وانتهاءً بالمصاريف واللوائح المخترقة من كل جانب، إذ لابد من خلع عباءة المجاملة والمحسوبية، بتغليب مصلحة الوطن وتقديمها على مصالح الأندية، ذلك بتعزيز صلاحيات الاتحاد وسلطته التنفيذية مع وضع حد لتسلط المجالس الرياضية والأندية. فمعالجة الخلل لن تكون بمسكنات أو مهدئات وقتية، لأن الإصلاح يبدأ من الأندية كونها العنصر الرئيس في أي فشل أو إخفاق تتعرض له منتخباتنا، فالوضع يفرض عليها مراجعة وتعديل أنظمتها الداخلية، بما فيها عقود اللاعبين التي أباحت لهم الفوضى والتنمر، وأوجدت ممارسات وعادات كانت ومازالت سبباً في التراجع والإخفاق. لذا، لتكن هناك صدقية وشفافية، وليتجرد البعض من العاطفة ويترك تلك الشماعة، إذ لا يمكن أن تبني بيد، وتهدم بأخرى!

صحيح أننا أخفقنا في تحقيق البطولة، بيد أننا نجحنا في تنظيمها، وفزنا باحترام وتقدير ضيوفنا، فقد قدمنا نموذجاً متكاملاً، وعكسنا صورة حضارية لدولة تتعايش فيها جميع الجنسيات بحبٍ وسلامٍ ووئام، لكن الأجمل أننا ترفعنا عن الانجراف إلى مستنقع الكيل والمكر، حيث فرحنا بحضور الأشقاء ومشاركة الأصدقاء رغم حدة وقوة المنافسة، إلا أنها كانت لحظة كشفت الخبث من الذهب، وظهرت النفوس على حقيقتها، فلم يعننا من فاز ولا من خسر بقدر ما كان يهمنا أن تبقى ردة الفعل في إطار العُرف والعقل، فالبعض أخذته سكرة الفرحة بعيداً وتاه مع الوهم، لكنه أساء لنفسه، وفقد صدقيته ونسف مهنيته!

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر