5 دقائق

وين ما دار الهوى درنا

خالد السويدي

وين ما دار الهوى درنا، هكذا ببساطة يمكن تلخيص مواقف الكثير من البشر في المواقف المختلفة بحثاً عن مصالحهم وأهوائهم أينما وجدت، تتبدل الآراء وتختلف وفقاً لهذه المصلحة، فكلام الليل يمحوه النهار، وكلام النهار سيتغير بعد فترة، يتراجع عن موقفه بلا سابق إنذار ودون أي اعتذار، ويطير فجأة مع اتجاه الريح.

- من يهوى القفز على

المبادئ، ولا يتورع عن

اللعب على سلّم

التناقض، فإنه دائماً

مكشوف مفضوح.

قبل مدة صدرت توجيهات بإلغاء قرار معيّن، فخرجت التصريحات على لسان العديد من المسؤولين والمختصين والمواطنين، إنما كانت المفاجأة في تصريحات للبعض تختلف عما كانت عليه قبل سنوات، فتناسوا كل تلك المقابلات التلفزيونية والصحافية التي تشيد بالقرار، وكيف تفنّنوا سابقاً في سرد الإيجابيات التي لا يفهم فيها إلا المسؤول، ثم تغيّر كل الكلام فنسوا بين ليلة وضحاها كيف دافعوا عن ذلك القرار أو غيره من القرارات.

أعرف رئيساً تنفيذياً لواحدة من أكبر الشركات الاستثمارية، كان لفترة طويلة يدافع عن المؤسسة السابقة التي كان يعمل بها ويشيد بالمستوى التقني الذي وصلت إليه، وعندما انتقل للشركة التي يرأسها حالياً ناقض نفسه فانتقد بشدة الخدمات السيئة للمؤسسة التي كان يعمل فيها.

في عالم اليوم تبقى التصريحات والمواقف القديمة جاهزة عند الطلب، فبضغطة زر في فضاء الإنترنت يُستخرج كل ما مضى من تصريحات وقرارات، ولا يمكن أن تتبخر المواقف السابقة للمسؤول، خصوصاً عندما يستميت لإثبات وجهة نظره، أو يفرض قراراً معيناً اتفق الأغلبية على كونه قراراً سلبياً لا يخدم إلا مصلحة بعض الناس.

بكل بساطة من الصعوبة أن تُمحى من الذاكرة تلك التناقضات عندما يأتي أحدهم قافزاً ليغيّر رأيه ويقول عكس ما ظل يردده لسنوات وسنوات، فلا عيب في أن يتراجع الشخص عن قراره، ولا ضير في الاعتراف بالخطأ عندما يكتشفه، فعادةً لا يخطئ إلا من حاول واجتهد، والاعتراف في حد ذاته شجاعة، وفي أحيانٍ أخرى فضيلة، ومن يتخذ قراراً معيناً أو يتبنى موقفاً فليكن واضحاً جداً أمام الجمهور عندما يغير موقفه، أما من يهوى القفز على المبادئ، ولا يتورع عن اللعب على سلّم التناقض، فإنه دائماً مكشوف مفضوح.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر