5 دقائق

صحافة وسينما وأسمنت مسلح!

عبدالله القمزي

تتسم الصحافة السينمائية في الدولة بالضعف الشديد، وضعفها يشبه ضعف المعروض المحلي الصنع سينمائياً أو الفيلم الإماراتي. لست بصدد انتقاد أفلام محلية في هذه المساحة، على الأقل ليس الآن، رغم اعترافي بأني لم أعد أشاهدها لرداءتها، وربما سأتناولها في مقال قادم.

- لو كان هؤلاء مطلعين

على تاريخ السينما

لعلموا أن ليندسي

لوهان ليست نجمة

عالمية، كما يصفونها،

بل هي ممثلة فاشلة.

المواد المنشورة إما أخبار جاهزة من شركات علاقات عامة، أو تعاقد مع صحافي خارج الدولة يجري لقاءات وحوارات مع شخصيات سينمائية، وهذه أفضل التقارير، أو نقد لأفلام تعرض في الصالات المحلية، وهذه الأسوأ إطلاقاً.

كل المواد النقدية المنشورة في صفحات المنوعات عن الأفلام المعروضة في الدولة، غير مفهومة كثيراً بالنسبة لي، إما لأنها ركيكة أو لأن الكاتب لا يريد القارئ أن يفهم.

أعتبر نفسي مراقباً ومهتماً بشؤون السينما، ولا أحب وضع كلمة «ناقد» المفخمة أمام اسمي. أقرأ في السينما منذ 20 عاماً باللغة الإنجليزية، ولم أصدم إلا عندما قرأت مواد سينما باللغة العربية، بحكم الوظيفة.

يقال إن اللغة، أي لغة، يجب أن تكون مرنة وتستوعب كلمات من اللغات الأخرى، لكن هذه ليست حال اللغة المستخدمة في النقد السينمائي بصحافتنا، بل ما أراه هو تأليف للغة ركيكة كتبها واحد وانساق خلفه البقية. وهذا بالضبط ما يحدث عندما يكلف صحافي عادي بالكتابة عن أفلام، وليس شخصاً متخصصاً مطلعاً على ما ينشر في الصحافة الأجنبية، أو يقرأ من مصادر متخصصة.

الصحافي في مطبوعاتنا لا يميز الفرق بين مادة نقدية وخبر صحافي، فتجده يكتب عن فيلم كأنه يغطي مؤتمراً صحافياً بسرد كل الأحداث وملء المساحة بأسماء الطاقم التمثيلي.

يستخدم صحافيونا مصطلحات غريبة مثل «البناء الدرامي» الذي ليس له أصل، إلا عند شركات الاستشارات الهندسية ومقاولي البناء، أما سينمائياً فهذا ليس له وجود. هناك Build up لوصف ارتفاع مستوى التوتر في القصة وبين الشخصيات، أو Rising action، لكن لا أحد يبني دراما من الأسمنت المسلح إلا العرب!

أو مصطلح «فلسفة بصرية» الذي ضربت أخماساً في أسداس ولم أفهم معناه، وهو غير موجود في أي قاموس بالعالم!

أو مصطلح «النجم العالمي» لوصف أي ممثل أميركي، ولو كان هؤلاء مطلعين على تاريخ السينما لعلموا أن ليندسي لوهان ليست نجمة عالمية، كما يصفونها، بل هي ممثلة فاشلة. وتوم كروز نجم تعرض أفلامه في كل أرجاء المعمورة، لكنه لا يستطيع التحدث بلغة غير الإنجليزية. أما غريتا غاربو وإنغريد بيرغمان مثلاً، فنجمتان سويديتان أتقنتا لغات عدة وظهرتا في أفلام سويدية وإيطالية - بالنسبة للثانية - ونافستا في هوليوود. وكذلك المصري عمر الشريف، صنع أفلاماً عربية وأميركية وبريطانية وفرنسية وإيطالية بجدارة، فهل تجوز مقارنة لوهان بهؤلاء النجوم العالميين؟

بالعربي: لا أفهم لغة الصحافيين العرب التفخيمية، رغم أنها بالعربية، لغتي الأم، لكني أفهم كل ما أقرأه في الصحافتين البريطانية والأميركية.

الصحافيون العرب داخل الدولة وخارجها، إجمالاً، ليست لديهم ثقافة سينما (نستثني قلة)، فهم يتعمدون تفخيم اللغة وتعقيدها واستخدام مصطلحات من اختراعهم، لا تمت للسينما أو للدراما بصلة، فقط لإثبات أنهم يفهمون أكثر من القارئ.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر