5 دقائق

خرافات «بوعرّاب»

عبدالله القمزي

تنتشر الخرافات في مجتمعنا انتشاراً لا يقبله عاقل، خصوصاً في هذه الحقبة الزمنية، التي تميزت بانتشار وازدهار المؤسسات التعليمية المحلية والأجنبية المعتمدة عالمياً، وتخريج أجيال من الشباب المتعلم لا يقل مستواه عن نظرائه في الغرب. مع ذلك تجد الكثير في مجتمعنا من الكبار إلى صغار السن يعتقدون بخرافات وقصص ليس لها تفسير ولا منطق.

نحن لا نقرأ ولا ندقق في أي معلومة تردنا، ونؤمن بما نسمعه من الأقارب كعقيدة.. مثلاً نأخذ معلومات من الوالدين كمسلَّمات غير قابلة للدحض والتشكيك لأسباب عاطفية، حتى عندما يكونان غير متعلمين.

يحدث كثيراً في المجالس أن ترى شخصاً يقلم أظافره ويحرص على إلقائها في المرحاض أو سلة المهملات، ليس لأنه حريص جداً على النظافة العامة للمكان، لكن لأن الأظافر لو تركت مكانها تجلب الفقر! هذه خرافة نسمعها من كبار السن كثيراً وصدقها الكثيرون، وليس لها أصل في الشرع، وتدحضها المواقع الدينية المعتمدة، لكن الكثيرين لا يكلفون أنفسهم بحثاً ليس أبعد من ضغطة زر.

الخرافات تهيمن كذلك على أوساط المثقفين، أو من يُحسبون على هذه الفئة. عندما تدخل مكتبة أو معرض كتاب، أو حتى تحمّل نسخة إلكترونية، فتجد التالي: «حوار مع جني مسلم»، أو «تسخير ملوك الجن». هذه الكتب تحقق رواجاً رغم أن محتواها خرافات وأكاذيب ودجل وشعوذة، ويا ليت دور النشر تجبر مؤلفيها على أن يكتبوا عليها العبارة التالية: الكتاب مستلهم من مغامرات هاري بوتر الخيالية! كيف يصدق أحد أن آدمياً دخل عالماً غيبياً لا يعلمه إلا الله وحده، ووثّق رحلته في كتاب!

خرافة أخرى منتشرة تتعلق بسورة الكهف، فقد نصحني أحدهم بأني لو لم أقرأ السورة نهار الجمعة فلدي مهلة حتى يوم الثلاثاء لقراءتها كحد أقصى أو يذهب أجرها! هذه خرافة تخلط بين فريضة كالصلاة، لها توقيتها الدقيق، وقراءة الكهف كسنة نبوية كل جمعة.

ثم ما الحكمة من اختيار يوم الثلاثاء؟ هو منتصف الأسبوع عندما تكون الإجازة الأسبوعية يومَي الجمعة والسبت، وقرب نهاية الأسبوع عندما كانت الإجازة يومَي الخميس والجمعة، لماذا لا تمدد المهلة إلى آخر الأسبوع وسنقرأها مرتين بأثر رجعي!

أو عندما تجلس إلى طاولة طعام وسعل أحدهم، قال له الآخر: «حد يطريك»، أي هناك شخص يذكرك في مكان آخر! لا نعلم لو كانت خرافة أصلية أم مبنية على نظرية الفوضى الشهيرة!

بالعربي: خرافات «بوعراب» كثيرة، ورغم أننا نعيش عصر السوشيال ميديا فإن أحد هؤلاء التافهين الذين يسمون أنفسهم مؤثرين، لم يفكر يوماً في الخروج علينا بفيديوهات هادفة تدحض الأفكار المتحجرة المتخلفة الراسخة في عقول الكثير من الناس، بغض النظر عن مستواهم التعليمي، فالشهادة الجامعية لن تقتلع الخرافة من العقل مادام صاحبها لا يفكر في القراءة وتثقيف نفسه ومجتمعه.

الشهادة الجامعية لن تقتلع الخرافة من العقل، مادام صاحبها لا يفكر في القراءة وتثقيف نفسه  ومجتمعه.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر