كـل يــوم

هل للقوانين فترة صلاحية؟

سامي الريامي

السياسة العامة التي تقرّها الحكومة، أو الجهات والدوائر المحلية، هي عبارة عن ترجمة أولويات الحكومة ومبادئها إلى سلسلة من الأعمال لتنفيذ التغييرات المنشودة، وتالياً فإن إعداد السياسة العامة ما هو إلا تحديد أفضل تشكيلة من الأنشطة والمشروعات والبرامج، لبلوغ الغاية أو الهدف الاستراتيجي.

وكقاعدة عامة، فإن أفضل السياسات الحكومية هي التي تمتاز بوضوح الأهداف، وترتيب الأولويات حسب أهميتها النسبية، وموازنة الاعتبارات والتبديل في ما بينها، والاهتمام بالمتعاملين من خلال التركيز على تلبية احتياجات المستهلكين وما يلائمهم - وليس على ما يلائم مقدمي الخدمة - في مجال الخدمات العامة، إضافة إلى «الجهود المشتركة»، أي الأخذ بالحسبان السياسات والأهداف الأخرى ذات الصلة، لتجنب التكرار أو التناقض بين أذرع الحكومة المختلفة.

من هنا علينا أن نؤمن ونقرّ بأنه لا توجد سياسة عامة، أو قرارات أو قوانين صالحة لكل زمان ومكان، وكما أن لكثير من المنتجات مدة صلاحية، فالقرارات الحكومية والسياسات العامة للوزارات والدوائر ليست استثناء، وهي تصل في أحيان كثيرة إلى مرحلة انتهاء صلاحيتها، خصوصاً إذا تغيرت مسببات إقرار هذه السياسة، أو ثبت عدم جدواها، أو تغيرت الظروف بشكل يجعلها معطلة لا فائدة منها، وكل هذه الأمور، وغيرها، قد تحصل في كل مكان.

لذا لابد من مراجعة السياسات العامة، والقرارات الإدارية، بشكل دوري كل ثلاث سنوات على الأقل، ولابد من التأكد من سريان توافقها مع مسببات إقرارها، فإن كانت المشكلة التي أُقرت بسببها السياسة مازالت قائمة، أو المشكلة التي تهدف السياسة إلى منع وقوعها مازالت موجودة، أو أن المعلومات والإحصاءات التي بُنيت عليها السياسة مازالت صحيحة، فلابد أن يستمر العمل بهذه السياسة، أما إذا اكتشفنا العكس، وتأكدنا من زوال الأسباب التي تحتم بقاء السياسة العامة، فإن من الخطأ البالغ الاستمرار في تنفيذ وتطبيق هذه السياسة، بل إن من المؤكد أن التراجع عن تنفيذ السياسة أقل ضرراً وسوءاً من الاستمرار في تنفيذها، الذي قد تتكبد الحكومة أو الدائرة بسببه أموالاً طائلة.

هناك قوانين سائدة في بعض الدوائر تم إقرارها قبل عشرين عاماً، وربما أكثر، لحاجة ما، وانتهت تلك الحاجة منذ زمن طويل، لكنها مازالت موجودة، ومازالت مطبقة، لأنه لم يراجعها أحد، لذلك فالدعوة الآن عامة للجميع، خصوصاً الجهات الحكومية الخدمية، لإجراء مراجعات مستمرة للسياسات والقوانين، للإبقاء على الجيد منها وإلغاء غير الملائم، فالتراجع في سياسة عامة ليس عيباً ولا ضعفاً، بل هو جرأة لتصحيح وضع غير مناسب، وهذه الجرأة في مصلحة الحكومة والمجتمع، لذا لا بأس من ذلك على الإطلاق.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر