5 دقائق

أنانية الأهل

الدكتور علاء جراد

على الرغم من اهتمامي الأكبر بالكتابة في مجال إدارة الجودة والتعلّم، لكن كثيراً ما أجدني مشدوداً لقضايا اجتماعية تؤثر في حياتنا بالمجتمع العربي، نظراً لارتباطها بإرث ثقافي ثقيل يتوارثه الأبناء، ثم الأحفاد تلو الأحفاد. بطبيعة الحال فإن الغالبية العظمى من الآباء والأمهات يتمنون لأولادهم السعادة والنجاح في كل دروب حياتهم، وقد لا يحب الأخ أن يكون أخوه أفضل منه، لكن الأب والأم بكل تأكيد يتمنّون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم، سواء في التعليم أو الجانب المادي أو أي جوانب أخرى. ولكن ودون أن يلاحظ الأهل فإنهم قد يكونون السبب المباشر في تعاسة وشقاء أبنائهم، على الرغم من حسن نواياهم، ولكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي.

يعتقد غالبية الأهل أنهم محقّون دائماً، وتترتب على ذلك قرارات كثيرة تؤثر في مستقبل أبنائهم سلبياً من منطلق أن الأهل يعرفون أكثر، وأنهم يرون ما لا يراه أبناؤهم، ولكن من أين اكتسب الأهل تجاربهم وخبراتهم؟ أليس من أهلهم؟ فهل تصلح طريقة ونمط حياة الأجداد، كما هي، منهاج حياة للأحفاد؟ ولا أعني بالطبع الثوابت والقيم كالاحترام وبرّ الوالدين والالتزام بتعاليم ديننا الوسطي، ولكن ما أقصده هنا التدخل في أمور شخصية ومصيرية للأبناء، كأن يفرض الأهل رأيهم في أن يلتحق الابن أو البنت بتخصص معيّن يعتقد الأهل أنه الأفضل، والحقيقة أن ذلك ليس لمصلحة الأبناء، بل هو أنانية بحتة من الأهل الذين يرغبون في إشباع رغبة معينة في أنفسهم، بالإضافة للتباهي بين الأهل والمعارف. وقد حكى زميل لي عن أب أصرّ على أن يلتحق ابنه بكلية معينة، على الرغم من رسوبه 11 مرة في امتحان القدرات لهذه الكلية، هل هناك قسوة أكثر من ذلك؟ تبدو الإجابة بنعم، فحتى اليوم هناك من يُجبر ابنته على الزواج من شخص معين بالرغم من إصرار ابنته على الرفض! ومن الآباء من يقطع علاقته بأبنائه وللأبد بسبب عدم الانصياع لأوامره، لدرجة أن الموت أو المرض الخطر لم يُحنِن قلب الأب. وهناك الأم التي تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة ابنها أو بنتها، وتدخل في صراع اصطنعته هي مع زوجة الابن، أو زوج البنت. إحصائية خطيرة في إحدى الدول العربية التي تصل نسبة الطلاق فيها إلى 40%، يأتي تدخّل الأهل في المرتبة الأولى كسبب من أسباب الطلاق، وبنسبة 70%.

رحمة بأبنائكم أيها الآباء والأمهات، دعوهم وشأنهم، فقط قدّموا لهم العون والنُصح، لكن لا تتدخلوا في حياتهم، ولا تُملوا رأيكم عليهم.

قد لا يُحب الأخ أن يكون أخوه أفضل منه، لكن الأب والأم بكل تأكيد يتمنّون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم.

Garad@alaagarad.com

@Alaa_Garad

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر