5 دقائق

سلاح الشائعات

الدكتور علاء جراد

من أخطر الأسلحة وأكثرها تدميراً سلاح الشائعات، سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، ففي أوقات الحروب يمكن أن تؤثر الشائعات في الروح المعنوية للجيوش، وقد تسهم بشكل مباشر في الهزيمة، أما في أوقات السلم فقد تُكدر الشائعات السلم العام وتضعف الروح المعنوية للشعوب، وتؤثر تأثيرات كبيرة في الاقتصاد، فشائعة واحدة مثلاً عن شركة معينة أو إدارتها، تكفي لتحريك المستثمرين إما بشراء أسهم تلك الشركة أو بيعها، ما يؤثر تأثيراً كبيراً في القيمة السوقية لتلك الشركة، كما تؤثر الشائعات في أنماط شراء السلع، وكذلك في السحوبات النقدية من البنوك والكثير من الأنماط الأخرى.

يمكن لكل منا أن يسهم

إسهاماً فعالاً في

وأد الشائعات

والإسهام في

محوها، بمجرد أفعال

بسيطة لكنها مؤثرة.

والشائعات ظاهرة اجتماعية موجودة في مختلف الثقافات وفي كل أنحاء العالم، لكن يختلف تأثيرها باختلاف نسبة التعليم والوعي لدى الشعوب ومدى تحققها من أي أخبار قبل نشرها أو تصديقها، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على انتشار الشائعات وتقويتها، حيث يمكن لأي شخص لديه حساب على إحدى القنوات أن ينشر ما يشاء حتى باسم مستعار، ولأن الكثير لا يهتم بالتحقق من صحة الشائعة يعيد نشرها، وتقوى الشائعات عندما تجد البيئة الخصبة، خصوصاً في حالة انعدام الثقة بقنوات الاتصال الرسمية، ومن أكثر البيئات خصوبة للشائعات البيئة التي يكتنفها الغموض وعدم الشفافية، وتعتبر الشخصيات العامة هي الأكثر عرضة للشائعات بحكم اهتمام الناس بأخبارهم.

للأسف أحياناً تسهم القنوات الإعلامية وبرامج الـ«توك شو» في خلق ونشر وترويج الشائعات من خلال إعادة نشرها، بحجة التغطية الإعلامية، متناسية القاعدة الأساسية في هذا الموضوع، وهي عدم نشر الشائعة نفسها، فقد أصبح الهدف الرئيس الآن لدى الكثير من القنوات وأغلب من يطلقون على أنفسهم إعلاميين، هو زيادة عدد المتابعين على قنوات التواصل. ونظراً إلى الأضرار الخطيرة التي قد تترتب على الشائعات، فقد سنّت بعض الدول قوانين تجرم نشرها أو الإسهام في نشرها. لكن يمكن لكل منا أن يسهم إسهاماً فعالاً في وأد الشائعات والإسهام في محوها، بمجرد أفعال بسيطة لكنها مؤثرة، أهم وأسهل تلك الأفعال هو عدم التفاعل مع الشائعة بعدم نشرها أو التحدث عنها، ثانياً التحقق من المصدر والتأكد بالفعل مما يقال، فمثلاً انتشر أخيراً فيديو مترجم لإحدى الشخصيات العالمية، وتمت إعادة نشره ملايين المرات، لكن بالتدقيق يتضح أن الترجمة لا تمت للحوار الأصلي بصله. وأخيراً يجب عدم التفاعل مع معتادي نشر وترويج الشائعات، ولنتذكر دائماً قول المولى عز وجل: «ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق:18).

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر