كـل يــوم

استشراف المستقبل.. والاستعداد لمواجهته

سامي الريامي

المتغيرات في عالمنا الحالي متسارعة بشكل لا يمكن للعقل أن يستوعبه، والمستقبل يحمل لنا تحديات وتطورات تقنية واجتماعية واقتصادية تفوق أفق خيالنا، وجميع الأفكار التي يستبعدها العقل البشري حالياً من المؤكد أنها سترى النور في يوم ما، وهذا اليوم قد لا يكون بعيداً أبداً.

القيادة في دولة الإمارات أدركت ذلك، فهي لا تنتظر مفاجآت المستقبل، بل تسعى جاهدة لاقتحام كل جديد، وهي تدرس كل الاحتمالات والتحديات لمواجهتها بالعلم والتقنية والتخطيط الاستراتيجي، فوضعت الدولة خططاً طويلة الأمد، تصل حتى عام 2071، وهذه الخطط ليست مجرد أفكار مستقبلية مؤجلة، بل هي خارطة طريق فعلية، يبدأ تنفيذها من اليوم، لضمان ديمومة رفاه شعب الإمارات طوال السنوات المقبلة.

«استشراف المستقبل»، هو العنوان الذي تناقشه كل المجالس الرمضانية التي تنظمها وزارة الداخلية في جميع إمارات الدولة، تحت رعاية وإشراف مباشر من سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وهو عنوان مهم وحيوي، وله علاقة مباشرة بمصير ومستقبل الأجيال المقبلة من أبناء الإمارات.

لمستُ شخصياً هذه الأهمية، من خلال مشاركات مهمة جداً، قدمها شباب وخبراء ومختصون من أبناء الإمارات في المجلس الرمضاني، الذي استضافه الأخ أحمد الشعفار في دبي، وبحضور الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، واللواء عبدالله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، ومشاركون من دوائر وهيئات محلية، وبعض الشباب المبتكرين المهتمين ببحوث ودراسات المستقبل، جميعهم يحملون هاجس استقطاب التقنية المتطورة لخدمة المجتمع، والتطوير المستمر، ومواكبة العصر، وجميعهم مهتمون بكل جديد من بحوث ودراسات مستقبلية تمس مختلف جوانب حياتنا في العصر المقبل.

حياة المستقبل مختلفة تماماً عن حياة اليوم، لذلك فمتطلباتها أيضاً مختلفة، ومؤهلات التعامل معها كذلك مختلفة، ولن يستطيع أي فرد منا بإمكاناته الحالية أن يجاري المستقبل ما لم يبدأ في التكيف، وتأهيل نفسه وأبنائه أيضاً لمواكبة تلك الحياة المستقبلية، وأول اهتمامات المستقبل إعادة النظر في التخصصات الدراسية، فالسنوات العشر المقبلة ستشهد تحولاً كبيراً في احتياجات السوق من التخصصات، وقد لا يتناسب عدد كبير من التخصصات الحالية مع متطلبات سوق المستقبل، والفترة الزمنية التي نتحدث عنها لهذا التحول ليست طويلة، وقد لا تتجاوز عشر سنوات من الآن، لذلك فالمسؤولية مشتركة من اليوم لاختيار التخصصات العلمية المناسبة لأبنائنا وبناتنا المقبلين على الدراسة الجامعية، فلم يعد التعليم الجامعي بجميع تخصصاته مناسباً، والأمية المستقبلية ستكون «أُميّة البرمجة»، بمعنى أن لقب «أُميّ» لن يكون لمن لا يعرف القراءة والكتابة، ولا لمن لا يعرف التعامل مع الإنترنت والأجهزة اللوحية، بل سيكون من لا يفقه شيئاً في علم البرمجة «أُميّاً»، وفق التصنيف العالمي الجديد!

الجريمة أيضاً ستتطور، والمجرمون سيستخدمون أساليب تقنية تمكنهم من ارتكاب الجرائم عن بُعد، وربما عابرة للقارات، لذلك فالتحديات الأمنية كبيرة، وهذا هو الشغف الذي يسيطر على تفكير المسؤولين في شرطة دبي، حيث بدأوا التفكير في تطبيق برامج علمية وتقنية للتنبؤ بالجريمة قبل وقوعها، وهذه البرامج الحديثة ستسهم في تقليل نسبة الجريمة لأكثر من 40%، وكذلك مسؤولو الطرق والمواصلات يعكفون على إعداد التشريعات المناسبة والدراسات المستفيضة لتشغيل «الهايبرلوب»، والسيارات الذاتية القيادة، والتاكسي الطائر، وكل هذه الاختراعات سترى النور قريباً.

الإمارات لا تهدأ، والعمل فيها مستمر وبوتيرة متسارعة في المجالات كافة، لذلك فلا أحد هنا يخشى المستقبل، بقدر ما يؤمن الجميع بمتغيراته، وتحدياته، ويعملون لمواجهة هذه التحديات.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر