كـل يــوم

إتقان العمل لا علاقة له بالترقيات

سامي الريامي

كثير من الموظفين يتذمرون من تأخر ترقياتهم، أو من عدم تقديرهم، وهذا التذمر يعد مقبولاً نوعاً ما إذا لم يخرج عن إطاره الطبيعي، وإطاره الطبيعي هو المطالبة وفق القوانين المعمول بها في الترقية، ثم انتظار هذه الترقية أيضاً وفق القوانين المعمول بها، دون استعجال، ودون ممارسات وكلمات سلبية تؤدي إلى نشر السلبية بين الموظفين، وتتسبب دون شعور في تحريضهم على عدم العمل والإنتاج، مثل ترديد جمل في مقر العمل من نوع: «الإخلاص في العمل ليس ضرورياً فلن يقدر أحد عملكم»، أو «أنا عملت سنوات وسنوات ولم أنل ما أستحق، لذا لا أنصح أحداً بالعمل، فمن يعمل يتساوَ مع من لا يعمل»، وغيرها من الجمل الشائعة بكثرة عند عدد ليس بقليل من الموظفين!

بداية.. يجب أن يعرف الجميع أن الربط بين العمل والترقية منطق خاطئ، فالعمل لدى جهة ما هو التزام وفق عقد أو اتفاق مكتوب بين طرفين، الموظف والجهة التي يعمل فيها، وعلى أساس هذا الاتفاق يقدم الموظف عملاً، وفق التوصيف الوظيفي المكتوب، مقابل مبلغ شهري من المال هو الراتب.

أما الترقية فهي مكافأة تقدمها جهة العمل نظير زيادة إنتاجية الموظف، أو تقديمه مبادرات وأعمالاً تفوق التوقعات، تنعكس إيجاباً على سير العمل، مع العلم بأن سنوات الخدمة يجب ألا تربط بالترقية إن لم يقدم خلالها الموظف ما يثبت أنه تجاوز حدود الأعمال المطلوبة منه، وقدم شيئاً مختلفاً، يميزه عن غيره.

لذا فالموظف قبل أن يطالب بأي زيادة أو ترقية أو مكافأة، يجب عليه أن يؤدي مهام عمله الرئيسة أولاً على أكمل وجه، وبإيجابية وإخلاص وتفانٍ، دون أن يربطها بالترقية أو العلاوة، عليه أن يرضي ضميره أولاً، ويعمل بجد ليستحق الراتب الشهري الذي يتقاضاه، وليطبق المبدأ الأخلاقي الذي أقره رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه»، فإتقان العمل واجب على كل موظف في كل الأحوال والأوقات، ولا علاقة أو ارتباط بين إتقان العمل والترقية إطلاقاً، لذلك من يتبع مبدأ «لن أعمل لأنني لم أترقَّ» مخطئ تماماً في حق نفسه، وحق جهة عمله!

كثيرون هم المسؤولون والموظفون، الذين يحاسبون الجهة التي يعملون فيها على كل شيء، على كل صغيرة قبل الكبيرة، ويطالبون بحقوقهم كاملة، وكثيرون هم الذين يعددون ويفاخرون بعملهم وإنجازاتهم، بغض النظر عن حجم هذه الإنجازات وأهميتها، لكنْ قليلون جداً هم من يدركون أن المؤسسات والدوائر والوزارات وجهات العمل أيضاً لها حقوق يجب ألا تنتهك، وأن كثيراً من الممارسات، مهما يعتقد البعض أنها صغيرة، فيها انتهاك لحقوق جهات العمل، وقليلون هم من ينسبون الفضل في الإنجاز لجهة العمل، وقليلون هم من يؤمنون بأن جهة العمل لها الأولوية في استثمار كل دقيقة لمصلحة العمل، أثناء وجود الموظف في مقر عمله خلال وقت العمل!

في إحدى محاضراته حول الأداء الحكومي، رصد الدكتور علي بن سباع المري، المدير التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، بعض الممارسات التي يقوم بها كثير من المسؤولين والموظفين، أولاها الاستخدام الشخصي للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل، وهذه آفة جديدة تجتاح المؤسسات في كل مكان، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال ثبت أن 70% من طلبات الشراء عبر المواقع الإلكترونية تتم خلال ساعات الدوام الرسمي، ولا أعتقد أن النسبة ستقل هنا في الإمارات، لو تم رصد هذه الظاهرة!

أيضاً من الممارسات الخاطئة، عدم الكفاءة في المهمات الخارجية للمشاركة في المؤتمرات والتدريب، وهنا يتخذ كثير من المسؤولين التنفيذيين والموظفين السفر وسيلة وليس هدفاً، إضافة إلى التمارض واستغلال الإجازات المرضية، وبعض الممارسات المخالفة للقيم المجتمعية والوظيفية في بيئة العمل، ومع ذلك فإن بعض الموظفين السلبيين يتجاهلون مثل هذه الممارسات الخاطئة وغيرها، ويطالبون فقط بالترقيات والعلاوات، لمجرد سنوات عمل قضوها في وظيفة ما!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر