5 دقائق

منقول = مسروق

الدكتور علاء جراد

الكثير منا مُحب للخير ويرغب في نقل تجاربه للآخرين، كما يحاول البعض مشاركة المعلومات التي يرونها قيّمة أو الأقوال المأثورة أو فقرات من مقالات أو أبحاث أعجبتهم، وكان ذلك في غاية الصعوبة قبل اختراع الإنترنت، ومن بعده قنوات التواصل العديدة، لكن الآن أصبح في يد كل منا وكالة أنباء اسمها «تويتر»، وحديقة «هايد بارك» يقول فيها كل شخص ما يحلو له اسمها «فيس بوك»، ومعرض للصور والمنحوتات والأعمال الفنية وغير الفنية وكل «الفلاتر» اسمه «إنستغرام»، وأصبح للمحترفين ورجال الأعمال منصتهم الخاصة التي يعرضون عليها ما يحلو لهم، سواء كان متعلقاً بـ«البزنس» أم بالسياسة أم حتى بالحياة الشخصية، مع أن تلك المنصة وجدت لما يتعلق بالأعمال فقط، ألا وهي «لينكد إن».

• كلمة «منقول» لا تبرر إضاعة حق صاحب العمل الأصلي.

ولتلك الوسائل إيجابيات وسلبيات، ولكن المشكلة الحقيقية أن الكثيرين يستخدمون تلك الوسائل بطريقة غير صحيحة بالمرة، وسأتطرق فقط لظاهرة واحدة من الظواهر السلبية التي طغت على الإيجابيات، وهي نشر أعمال أو أقوال دون التحقق من مصدرها والاكتفاء بكلمة «منقول». وبتحليل سريع للاقتباسات المذيّلة بكلمة «منقول» نجد أنها إما مقولات مأثورة أو أخبار أو وجهات نظر أو محتوى يبدو كأنه حقائق علمية، مثل «خلص البحث الفلاني إلى أن أسباب السرطان هي تناول كذا وكذا». ولو نظرنا لأبسط قواعد البحث، بل والاحترام والذوق، للاحظنا أن كلمة «منقول» لا تبرر إضاعة حق صاحب العمل الأصلي، فلا يمكن أن يتم اقتباس مقال أو عمل لشخص بذل وقتاً من عمره فيه دون ذكر اسم صاحب العمل والاكتفاء بكلمة «منقول»، منقول مِن مَن وعن مَن؟ وأين يمكن الوصول إلى العمل الأصلي للتحقق من صحته؟ وهل تم التحقق من صحة المعلومات والمحتوى المذيّل بـ«منقول»، بل وفي بعض الأحيان ينشر الشخص المحتوى فقط من أجل الحصول على الاستحسان وزيادة عدد «اللايكات». وفي رأيي أن «منقول» تساوي «مسروق»، ولا تختلف الصورة عن الذي يقتبس المحتوى دون تذييله بكلمة «منقول»، فكلاهما سرقة.

الكثير يفعل ذلك بحسن نية، ولكن الطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الحسنة، وبالتالي أتصور أن الطريقة الأنسب هي عدم نشر أو مشاركة أي محتوى دون التحقق من مصدره وصحته، مع الإشارة بوضوح إلى المصدر، وإن لم يتسنَّ الوصول إلى المصدر فلا داعي للنشر، فلماذا نفترض أن الآخرين بحاجة لنُنَصّب أنفسنا خبراء في المجال، ولماذا ننشر محتوى خارج نطاق تخصّصنا ومعرفتنا؟ أعتقد أنه آن الأوان بعد كل تلك السنوات من استخدام تلك القنوات أن نتوقف عن الاهتمام بعدد «اللايكات» على حساب الدقة والصدقية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر