أبواب

تحلّوا بالصبر

أحمد حسن الزعبي

لا أستطيع التحمّل أكثر، فقد وصلت إلى آخر مدارج الانتظار، حتى صار النوم يجافيني، والقلق يأكل عافيتي، والحماسة تجعلني مضطرباً غير متّزن، ولكثرة ما تحلّيت بالصبر «صار معي سكّري»، في الصباح الباكر أفتح مواقع الأخبار لأرى هل من جديد، أتابع الصفحات، أرصد التغريدات، أحفظ جدول البرامج التلفزيونية على الفضائيات، وخرائط البث على الصفحات المباشرة، علّي أُسْكت وهج الانتظار دون جدوى.. لقد تأخر كثيراً ألبومها الجديد.

**

قبل أيام كتبت مطربة معروفة على صفحتها «تغريدة»، طمأنت فيها جمهورها القلق، راجية الجميع أشد الرجاء أن يتحلّوا بالصبر قليلاً، فألبومها سيطرح هذا الصيف، ولا داعي للاستعجال!.. وبعد هذه التغريدة سالت دمعة حرّى من عيني، وشكرت الله كثيراً، وسألني الأولاد: لماذا بكيت ؟.. فقلت لهم: «دموع الفرح، فإن بعد العسر يسراً، والصبر مفتاح الفرج.. الآن أستطيع أن أطمئن قليلاً، وأرتاح قليلاً، وأمارس عملي كالمعتاد..!

واضح أن كلمة نجمة أو نجم كلمة في مكانها.. لأنها تعني أن هذا الكائن منفصل عن الأرض وهموم الأرض وأولويات الأرض.. هذه «النجوم» تعيش فقط في خيالها وأجواء الريش والترفيه، ولا يعنيها غير ذلك.. لكن صدقاً أنا لا أدري كيف يفكّرون؟! يعني هل فعلاً تعتقد الفنانة أن جمهورها لا ينام الليل، وهو ينتظر ألبومها الجديد؟! لتدعوه للتحلي بالصبر وترجوه أشدّ الرجاء.. هل تتخيل أن الناس تتعاطى المهدئات وتشرب «الملّيسة» لتورق أعصابها، وتكثر من أذكار الصباح والمساء لأن ألبومها تأخر عن الصدور.. يعني لو شطح بها الغرور قليلاً.. لتخيّلت الناس يؤدون صلاة استسقاء لألبومها!

المجاعات في إفريقيا، مئات الأطفال الذين يموتون في الغوطة الشرقية بالبراميل المتفجرة دونما ذنب يذكر، العالم العربي المضطرب.. ألا يحتاج هو الآخر أن يتحلّى مواطنوه بالصبر؟.. كل هذه الأحداث لا تثير القلق والخوف والاستعجال بالفرج.. وبقي علينا فقط ألبومها الأخير حتى ننتظر خروجه إلينا.. هل سيتزامن صدور «الألبوم» مع نزول السلام على الشرق الأوسط؟!

ما أبشع الغرور والأنانية!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر