أبواب

«ريكس» المجنون

أحمد حسن الزعبي

أن تتلقى أربع رصاصات بجسدك، كي لا يستدلوا إلى طريق صديقك فتلك أسطورة في الوفاء قلت مشاهدتها أو سماعها.. بالطبع لم يعد من الصنف البشري من يتمتع بهذا التفاني الجنوني إلا القليل، لكن قد فعلها الكلب «ريكس» من فصيلة الراعي الألماني، عندما حاول الدفاع عن صاحبه بكل ما يملك من شجاعة.

«ريكس» أيها المجنون، كيف أن احتكاكك بالبشر لم يعلّمك طباعهم، هب أن اللصوص كانوا يريدون رأسك أنت، واختبأت في خزانة الملابس؛ هل تعتقد أن صاحبك سيتلقى أربع رصاصات بجسده، دفاعاً عنك كي لا تمسّ بسوء؟

يروي الفتى خافيير مركادو القصة كاملة؛ فيقول: ظهيرة يوم الأربعاء، سمعت ضجيجاً في الطابق السفلي من البيت، وعندما نظرت خارجاً شاهدت سيارة غريبة تقف أمام بيتنا، نزل الكلب «ريكس» إلى الطابق السفلي، وبدأ بالنباح والزمجرة مقاوماً اللصوص، وبالفعل لقد عضّ أحدهم بيده وصاح اللص لرفاقه: «لقد عضّني الكلب أبعدوه عنّي.. يقول الفتى أنا قد اختبأت في خزانة الملابس واتصلت بالشرطة يينما صعد (ركس) إلى غرفتي ليؤمن لي الحماية، صعد اللصوص إلى الغرفة التي أحتمي بها، واشتبك معهم الكلب الوفي دفاعاً عنّي وعن مقتنيات البيت، الأمر الذي استفزّ اللصوص فأفرغوا أربع رصاصات بجسده، ما أضعف مقاومته وأصبح غير قادر على المهاجمة أكثر.. لكن لسوء الحظ فرّ اللصوص قبل وصول الشرطة بقليل ولازالت الحادثة ضد مجهول.

ترى.. لماذا لا تحصّن الكلاب الوفية أعمارها كما يجب، لماذا لا تحسبها حساباً «براغماتياً» بحتاً كما يفعل البشر؟ لماذا لم تعدّل هذا السلوك على مرّ التاريخ، مع أن كل شيء تغيّر والتاريخ نفسه تغيّر؟ بمعنى آخر لماذا لم يصلها «كتالوج» العلاقات الجديد؟ أنا أكون وفياً معك بقدر مصلحتي، لا أستطيع أن يكون وفائي أطول من مصلحتي أو مصلحتي أطول من وفائي، هي تماماً كطرفي القميص، تنتهيان معاً وتتزرّران معاً.. كم وفياً انقلب على صديقه عند الحياة والموت والبقاء والمصلحة، كم مدّعياً للوفاء ذاب وفاؤه مع أول شمس اختبار، وتركه عارياً كما يجب أن يكون.

«ريكس» أيها المجنون، كيف أن احتكاكك بالبشر لم يعلّمك طباعهم، هب أن اللصوص كانوا يريدون رأسك أنت، واختبأت في خزانة الملابس؛ هل تعتقد أن صاحبك سيتلقى أربع رصاصات بجسده، دفاعاً عنك كي لا تمسّ بسوء؟ أي جنون مارسته يا «ريكس» لو أنك أكملت غفوتك وتظاهرت بالنوم أو بالمرض لما لامك أحد!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر