مزاح.. ورماح

«حدث في البستكية!»

عبدالله الشويخ

من عاداتي، التي أحاول الخلاص منها قبل أن أبدأ حياتي الجديدة - بالإضافة إلى قضية «الشخير» ليلاً - هي زيارة أسواق المستعمل في الدول التي أزورها، تلك الأسواق المؤلمة التي يبيع الناس فيها ذكرياتهم وحياتهم، من أجل بضعة قروش تضمن لهم أياماً إضافية في مطحنة الحياة: ألبومات صور، كتب قديمة، أشرطة.. وبين كل 20 زيارة، ربما تفتح لك طاقة الحظ للحصول على شيء تتأمله طويلاً، ويلهمك كتابة قصيدة جديدة، ربما سيبيع مسودتها أحد أحفادك ذات يوم، ليكمل الدائرة.. على أن نسبة الحصول على شيء مهم تشبه نسبة عثورك على لعبة تستحق في «بيض كندر»!

في إحدى زياراتي إلى دولة عربية احتك بي أحدهم، وهو يعرض عليَّ طابعاً بريدياً كبيراً، جميل الصورة نظيف الورق، كان طابعاً مميزاً فعلاً، ولكني لست مختصاً بالطوابع.. اشتريت الطابع الذي يمثل إصداراً بمناسبة زفاف إحدى الأسر المالكة العربية في الأربعينات.. هناك هاتف في داخلي يخبرني بأنها البيضة المميزة هذه المرة، أو ما يسميها أصدقاؤنا الروس «يايتسا فابيرجي»، ولكنني حينما زرت إحدى الجمعيات المتخصصة في منطقة «البستكية»، أخبرني أحد الخبراء الهواة هناك بأن الطابع «ما يسوى»، لأن الإصدار منتشر بكثرة.

في زيارة أخرى.. عرضت عليَّ مجموعة منوعة من العملات؛ وكأي شخص يعتمد على التعاملات الإلكترونية والسلف، والشراء على طريقة «قريش»، بعني سيارتك وسأعطيك عزبتي المؤقتة، لم تكن الخبرة موجودة أيضاً، ولكنه الهاتف المؤمن بالحظ مرة أخرى، وتكررت القصة بحذافيرها نفسها لدى مجموعة من الهواة المحترفين مرة أخرى، وأخبروني بأنني «عبيط»، وأن مجموعة العملات يمكن الحصول عليها لدى أي صراف يحتفظ بالعملات القديمة، إلا أن المتحدث في هذه المرة رأى أنني محبط فعلاً، فأعطاني معلومة لرفع معنوياتي، إذ تناول إحدى الأوراق، والتي كانت عبارة عن 500 فرنك فرنسي من الخمسينات، وأشار إلى الصورة عليها، قلت له: كم تسوى؟ أخبرني بأنها لا تساوي أكثر من خمسة دراهم، ولكن ما يقصده أن الصورة التي تتوسطها هي صورة الكاتب فيكتور هوغو، صاحب رائعة «البؤساء».

قبل أسابيع.. ومع الإعلان عن طرح ورقة الـ20 «باوند» البريطانية الجديدة، التي تحمل صورة الكاتبة الشهيرة جاين أوستن، صاحبة الرواية الأشهر في القرن الـ19 «كبرياء وهوى».. ومن باب الفضول قمت بجولة أثيرية تصفحت فيها عملات شعوب الأرض التي تؤرخ لمبدعيها.. قصص لا تنتهي، ربما كانت تلك الرحلة هي «بيضتي الموعودة».. والجدير بالذكر أنني بين العملات الصادرة عن الدول العربية كلها، باستثناء صور القادة والساسة، لم أجد أي تكريم للأدب العربي إلا على الـ10 دنانير التونسية (صورة أبو القاسم الشابي) ورمزين علميين، هما ابن الهيثم (الـ100 العراقية)، وابن رشد (الـ50 التونسية).. اختلاف ثقافات ليس إلا!

واسألوا خبراء البستكية!

#عبدالله_الشويخ

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر