أبواب

«فيكا» وفريكة

أحمد حسن الزعبي

أخْذ قسط من الراحة أثناء ساعات العمل، يعدّ أمراً إلزامياً في السويد تماماً، مثل الحضور في الوقت والالتزام باللباس الموحّد، واستخدام البريد الإلكتروني الخاص بالشركة، وغيرها من أعراف العمل المنظّم.. لذلك لا يوجد في قاموس السويديين: «عندي عمل ويجب أن أنجزه»، هناك استراحة إجبارية تفرضها شركات كثيرة يُجبر فيها الموظف على تناول القهوة وقطعة الكيك والجلوس مع الزملاء في الاستراحة والاسترخاء ولو لمدّة 10 دقائق.. هذه الاستراحة المطعّمة بالقهوة والكيك - والتي تسمّى «فيكا» - جعلت السويد واحدة من أعلى 11 دولة في العالم من حيث الإنتاجية.. فالعبرة ليست بطول ساعات الجلوس خلف المكاتب، وإنما بالنفسية التي يقضيها الموظف خلف المكتب.

لم تُجْرَ أي دراسة حول إنتاجية الموظف العربي، وكم ساعة من ساعات العمل ينجز، لا لصعوبة القياس أو الحساب، بل لأن من يجري الدراسة غارق في «الفيكا» الشرقية خاصته.

بالمناسبة نحن أيضاً لدينا «فيكا» خاصّة بنا، في بعض الدول العربية عندما تدخل دائرة حكومية الساعة العاشرة صباحاً عليك أن تدقق مرتين في اسم القسم الذي تدخله هل هو فعلاً قسم التصديق والموافقات أم أنه العناية الحثيثة، فبمجرد دخولك قاعة الموظفين يتحلّق رجال غلاظ شداد حول طاولة مربعة لا ترى منها شيئاً سوى أكتاف تهتز ولغة متداولة بينهم أثناء المضغ «هاام هم..هموه..هم» غالباً تصب في لعن الجوع، وتقييم جودة الطعام أو التشديد في الدعوة على الأكل، تحاول أن تشق الصفوف لترى ما يجري على الطاولة الحكومية، فتكتشف أن صحون الحمص والفول فتحت بها شوارع وجسور وأنفاق و«يو تيرن» وعلى طريقة المصارعة الحرة يقوم أحدهم بضرب البصلة ثلاثاً على زاوية الطاولة الحادة ليكسرها، ثم يناول الأجنحة المتكسرة للزملاء الآخرين.. هذه «فيكا» العرب.. ذات مرّة رأيت طبق ألمنيوم واسعاً بحجم أطباق البث الفضائي، وعليه قطع لحم و«فريكة» مطبوخة، وجميع الموظفين من الجنسين يتناولون «الفريكة»، وعندما سألتهم عن المناسبة قالوا إنها «عقيقة» ابن زميلهم في العمل، آثر أن يحضرها مطبوخة للزملاء.. واستخدمت المكابس والمثاقب في تكسير رأس «العقيقة» المسجى فوق تلة الفريكة.

طبعاً إلى الآن لم تُجْرَ أي دراسة حول إنتاجية الموظف العربي، وكم ساعة من ساعات العمل ينجز، لا لصعوبة القياس أو الحساب، بل لأن من يجري الدراسة هو أيضاً غارق في «الفيكا» الشرقية خاصته من رأسه إلى أخمص قدميه.. فنتركها على البركة أفضل.. وتفضّلوا على المقسوم.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر