5 دقائق

الأم تصنع الأمم

الدكتور علاء جراد

«يظل الرجل طفلاً حتى إذا ماتت أمه شاخ فجأة»، مقولة خالدة لنابليون بونابرت، تعكس أن الأم هي حياتنا وهي من يمنحنا الإحساس بالطمأنينة والراحة، مهما قيل ومهما كتب فلا أظن أن أحداً قد يفي الأم حقها أو يستطيع أن يستوعب ويتفهم المعاناة والمشقة التي تعيشها الأم لتسعد أبناءها حتى ولو ضحت بحياتها، وإذا تخيلنا معاناة الأم منذ حمل طفلها إلى أن يخرج لهذه الدنيا ندرك حجم المعجزة والعطاء اللامحدود الذي تقدمه الأم عن طيب خاطر، ودون أن تنتظر حتى كلمة «شكراً».

إن عطاء الأم فطرة فطرها الله عليها، وإلا لو قيمت الأم هذا العطاء بمنطق البشر وبمبدأ الأخذ والعطاء والمعاملة بالمثل لتخلت الأغلبية العظمى من الأمهات عن أبنائهن، فالأغلبية العظمى من الأبناء لا تعرف قدر الأم ولا تحاول رد الجميل ولو بأفعال بسيطة، ولا حتى بكلمة، إن كل ما تفعله الأم يصبح بمثابة حق مكتسب ولا يلاحظه الأبناء، بل حتى معظم الأزواج لا يدركون حجم ذلك العطاء والمعاناة اليومية، وفي أغلبية البيوت يركز كل فرد في الأسرة على متطلباته وأموره الشخصية فقط ناسياً أو متناسياً أن الأم - ذلك الغطاء الذي يغطي ويحمي هذا البيت - هي أيضاً بحاجة إلى الاهتمام والتقدير ولو بكلمة «شكراً» فقط. للأسف نغرق جميعاً في أنفسنا طوال حياتنا، وفي اليوم الذي نستيقظ فيه يكون الأوان قد فات ولا يفيد الندم، ويبقى الإنسان بألمه وحسرته ما بقي من حياته، هذا إن كان لديه إحساس وضمير.

غالباً يقتصر الاهتمام بالأم على يوم عيد الأم، وقد يمتد ليوم آخر هو يوم مولدها، وطبيعي أن متطلبات الحياة تلهينا وندور في دوامة العمل والأبناء والمتطلبات التي لا تنتهي، لكن هذا لا يمنع أن نضع أمهاتنا في قائمة الأولويات، وأن نصر على رد الجميل بقدر ما نستطيع.

ولقد كرّم المولى عز وجل الأم، واستعرض القرآن المعاناة التي تمر بها الأم في الحمل والولادة والتربية. كما حثنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، على حسن رعاية الأم والأب، وأتت الأم في المرتبة الأولى.

لم يفت الأوان، فليبادر كل منا بخطوة صغيرة دائمة، لنبدأ بأخذ عهد على أنفسنا بالتواصل الدائم مع أمهاتنا، ولابد أن يكون دائماً ومتواصلاً، سواء باللقاء وجهاً لوجه أو بالتليفون، وإن كانت عند الرفيق الأعلى فلنتواصل معها بالدعاء والصدقة وفعل الخيرات، حتى لا ينقطع عملها من الدنيا، وحتى لا ينقطع عملنا نحن عندما نلحق بها.

غفر الله لأمهاتنا وجزاهن عنا خير الجزاء.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر