أبواب

عيد ومدارس..

أحمد حسن الزعبي

أسوأ موقف تعرّضت له في حياتي عندما حاولت الهروب ذات نهار من مزراب مياه غزير يصب بقوّة من الطابق الرابع، مركّزاً نظري على الزاوية المنهمرة من أعلى، لأسقط في حفرة ممتلئة بالماء أيضاً.. مطبّقاً المثل القائل: «هرب من الدلف إلى المزراب» لأكون أول شخص «يهرب من المزراب إلى الحفرة مباشرة وبدون وسطاء».

• هذا ما نشعر به الآن، بعد الإفلات بصعوبة من مناسبة العيد ومصروفاتها العالية، تنتظرنا في الجهة المقابلة «المدارس» كزوجة الأب القاسية، وبيدها هراوة المصروفات..

هذا ما نشعر به الآن، بعد الإفلات بصعوبة من مناسبة العيد ومصروفاتها العالية، تنتظرنا في الجهة المقابلة «المدارس» كزوجة الأب القاسية، وبيدها هراوة المصروفات التي ممكن أن تبدأ لكنها لا تنتهي إلا بانتهاء السنة.

في شهر سبتمبر تحديداً، لو تتبرّع وتقبلنا أي من دول «الشنغن» كلاجئين إنسانيين لتؤوينا، وتهدئ من روعنا، وتخضعنا لعلاج نفسي مدروس لحجم الضغط الذي نتعرّض له نحن الآباء من نفقات لا يقوى على استيعابها بصدر رحب إلا أحد من تصدّرت أسماؤهم مجلة «فوربس».. أو لو بإمكاني التحليق مع الطيور المهاجرة من الشمال إلى الجنوب ليس بحثاً عن الدفء في فصل الشتاء، وإنما البحث عن «سلامة الراس» في كل الفصول..

قائمة مكتوبة بخط صغير جداً تشبه الوصفة الطبية المرافقة لدواء الضغط، مكونة من أربع صفحات مطوية تحتوي على طلبات المدارس: حقائب مدرسية متعددة الأحجام والرسوم، الأولاد «بن تن وكلارنس»، والبنات «دُورة وهايدي»، على أن تكون الحقيبة طبية وحمّالاتها تحتوي على إسفنج طبي، ويحبذ مكان لقارورة الماء وجيوب إضافية للساندوتشات، يعني أحسست أنها سيارة «رولز رويس» وليست حقيبة.. دفاتر عربي، دفاتر إنجليزي، مجموع الدفاتر كفيل بأن يعيد نسخ مقدمة ابن خلدون بأجزائها الستة، مساطر، محّايات، أقلام رصاص؛ عدد رؤوس الأقلام المطلوبة أكثر من الرؤوس النووية المصنّعة منذ بدء الحرب الباردة، عشرات من المساطر، عشرات من أمتار التجليد، والطوابع الملوّنة، أقلام موجهة في المقالم، استعراض قرطاسي مريب يمارس عشيّة بدء المدارس.. وفي آخر السنة علامات بعض الأولاد لا تتجاوز «نمرة قميصه».

أولادنا لا يختلفون كثيراً عن بعض الجيوش العربية.. ترسانة ضخمة ومتطورة ونتائج متواضعة!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر