أبواب

ليلة العيد

أحمد حسن الزعبي

بعيد أذان المغرب في اليوم الرمضاني الأخير، وأثناء التهاء الناس بتناول وجبة الإفطار الأخيرة، ينسحب رمضان خلسة من البيوت، يجر خلفه حبال الزينة، وأغصان الضوء، ويحمل على ظهره الأهلّة المطفأة بغياب اليوم الأخير، ينسحب رمضان وأقدامه المغادرة لها صوت الملاعق والصحون وانسكاب العصائر في الأكواب الزجاجية، وارتطام مكعبات الثلج في قاع أباريق الشراب، ينسحب رمضان وقد آنس البيوت وأفرح الأطفال ولوّن واجهات المنازل بالضوء والفرح شهراً كاملاً، وكأي مسافر وعابر سبيل، ها هو يركب عربة الزمن ويغيب في عتمة الشهور، ينظر إلى نوافذنا المضاءة، يطيل النظر إلى بيوتنا وهي تبتعد شيئاً فشيئاً عن ناظريه، يدعو لنا بالسلام والسعادة ويغيب من جديد.

ثمة ارتباك في ليلة العيد، الوضع يبدو انتقالياً بين عهدين، لا تدري كيف تبدأ من جديد، يختلط الفرح بالعيد بالحزن على رمضان، فتحسّ بشعور مضطرب، الأولاد يتقافزون فرحاً لاقتراب ارتداء جديد الثياب، وأنت تقف حائراً بين عاطفتين، تنشغل الأمهات بتنظيف غرف الاستقبال وتلميع الشبابيك، وإعادة ترتيب البيت الصائم على الكسل شهراً كاملاً، تتذكّر أشياءك الناقصة للضيافة في اللحظات الأخيرة من ليلة العيد.. لم تكن مستعداً لهذا قبل ساعات، ربما خجلاً من رمضان، أو ربما لضيق الوقت الذي لم يعد يسعفنا بشيء.

تزدحم محال الحلويات بالزبائن المستعجلين، الطلبات كلها تنصب على «المعمول» و«كعك العيد»، الشوارع مزدحمة، أسواق الملابس تغصّ بمتسوقي الساعات الأخيرة، والبحث عن «نمرة» مناسبة لآخر العنقود، سيارات الأجرة محملة بركاب يحملون أكياس المشتريات، وباعة التمر هندي وقصب السكّر يفرحون للعطشى الذين يقفون أمام محالهم طالبين جرعة لإطفاء العطش المحموم.

ليلة العيد، تبقى ناقصة كوجه الهلال.. ما لم يعطر جو البيت خبز أمي، و«الغُريّبة» المحمّرة في فرننا القديم.. ليلة العيد تبقى ناقصة ما لم تغل القهوة على مهل من إبريق العائلة القديم.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر