5 دقائق

الصحافة الرقمية والنماذج المعطلة

عبدالله القمزي

على الرغم من «المغامرات الرقمية» للصحف العالمية والمستمرة إلى اليوم من خلال تجربة عرض منتجاتها على وسائل رقمية عدة كالموقع وأجهزة القارئ الإلكتروني والهاتف الذكي ووسائل التواصل الاجتماعي، فإنها كلها تعاني مشكلة مشتركة هي عدم وجود نموذج واحد ناجح لبيع المنتج من خلال الوسائل المذكورة، وبالتالي تحقيق إيرادات مالية.

الصحف الأميركية لها أكبر خبرة في المجال رغم تخبطها، طبقت تلك الصحف نموذجين لتحقيق الإيرادات هما الإعلانات والاشتراكات الرقمية أو Paywall، ولم ينجح أي واحد منهما.

في التسعينات اعتمدت كل الصحف نموذج الإعلانات لتحقيق الأرباح، عام 1999 كشف 64 ناشراً إلكترونياً أميركياً أن 80٪ من المواقع الإخبارية اعتمدت على الإعلانات لجلب الإيرادات المالية. منذ انقراض الإعلانات المبوبة في المواقع بسبب ما عرف باسم «كريغ لست»، لجأت المواقع إلى إبراز الإعلانات على الصفحات الرئيسة.

لم تؤتِ تلك الطريقة أكلها طبقاً لدراسة أجريت عام 2013، كشفت أن 60٪ من زوار المواقع لا يتذكرون الإعلان الذي شاهدوه في الصفحة التي خرجوا منها، ما يعني أن المعلنين بددوا ملايين الدولارات على الإعلانات الرقمية.

لعلاج المشكلة لجأت مواقع الصحف إلى تكبير الإعلانات واعتماد طريقة بروز الإعلان في وجه القارئ مغطياً معظم مساحة الصفحة الرئيسة، وبينت دراسة أجريت عام 2013 لقياس تفاعل القراء مع هذا النوع من الإعلانات أن 77٪ من المستخدمين للمواقع لم يفتحوا تلك الإعلانات، ومعدل النقرات عليها بلغ 0.1٪.

ناشرو الصحف علقوا آمالاً كبيرة على الاشتراكات الرقمية قبل تطبيقها بشكل موسع عام 2011، لكن الاشتراكات الرقمية أصلاً ليست فكرة جديدة. في أول أيام التجربة الرقمية (آخر التسعينات) راود الصحف قلق من أن نشر المواد إلكترونياً مجاناً - وهو أساس المشكلة - على الموقع، سيقلل أعداد المشتركين في النسخة الورقية.

رغم اعتماد أغلب تلك الصحف على نموذج الإعلانات الرقمية وقتها فإن صحيفة «وول ستريت جورنال» غردت خارج السرب ببيع محتواها الرقمي، وبحلول عام 1998 أمنت 150 ألف قارئ لموقعها دفعوا 49 دولاراً رسم اشتراك سنوي.

عام 2003 توصلت الصحف إلى قناعة بأن القارئ سيدفع فقط لو قدمت الصحف محتوى قيماً ومتخصصاً، أما بقية الأخبار فهي مجانية، وعام 2009 اتضح ضعف فكرة الاشتراكات الرقمية رغم ذلك استمرت الصحف في تطبيقها.

صحيفة «نيويورك تايمز» طبقت طريقة اشتراكات الرزمات عام 2011، إذ يدفع القارئ للمحتوى بعد قراءته مجموعة موضوعات مجانية اعتماداً على تردده على الموقع. رغم تحقيق الصحيفة أفضل النتائج المالية جراء اعتمادها تلك الفكرة فإن أرقامها المعلنة لا تشير بوضوح إن كانت الاشتراكات الرقمية تخطت نظيرتها الورقية.

ختاماً: الصورة العامة لا تبدو واعدة، وطبقاً لرابطة الصحف الأميركية فإن الاشتراكات الرقمية بلغت 1٪ فقط من مجموع عائدات التوزيعات الورقية عام 2012، ما يعكس عدم قدرة النسخة الإلكترونية على مجاراة نظيرتها الورقية في الإعلانات أو الاشتراكات، حيث لاتزال النسخة الورقية متسيدة المردود المالي.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر