أبواب

حبيبي المؤذن

أحمد حسن الزعبي

اليوم تحديداً لو يأتي هذا السؤال لطلاب الثانوية العامة: «متى يرفع أذان المغرب» لكان جميع الطلاب أوائل على الدولة، وكنوع من الاستزادة في الإجابة، سيذكرون مراعاة فارق التوقيت بين المدن كافة وبعدها عن العاصمة!

يلاحظ أنه برغم ضخامة عتاد التسلية المعدّ لرمضان إلا أنه ينفد باكراً أمام الوقت الذي يمر بطيئاً في اليوم الأول. تحاول أن تستيقظ متأخراً لتقتطع من النهار الطويل، تفتّش في القنوات الفضائية فتكتشف أن البرامج الممتعة لم تبدأ بعد هم فقط يتكلّمون عن فوائد «قمر الدين» للصائم، وأهم عشر نصائح لمرضى السكري. تحاول أن تقرأ الرسائل الجديدة على «موبايلك» فتجد أن آخر ظهور لمعظم الأصدقاء في قوائم الاتصال كان على السحور، والبعض الآخر رمى لك تهنئة «رمضان مبارك» المكتوبة عل شكل هلال وغاب منذ مساء ذلك اليوم الذي أعلن فيه سماحة قاضي القضاة غرّة رمضان!

كل شيء يمر بطيئاً في اليوم الأول من الصيام، مثلاً أخذت منّي عبارة «صباح الخير.. متى صلاة الظهر» ربع ساعة لنطقها (ص..ب...ا..ح..ا..ل..خ..ي..ر..م.ت..ى..ص..لا..ة..ا..ل..ظ..ه..ر)، حتى للوهلة الأولى اعتقد أن لساني قد انعقد أو أنني «متسحّر على جلطة» دون أن أدري حتى لفظتها بهذه الطريقة، وعندما نظرت في المرآة واكتشفت أن تقاسيم وجهي على ما يرام تيقنت أنها أعراض الصيام ليس إلا. تحاول أن تذهب إلى الحلاق لتسلّمه رأسك يتسلّى به ساعة زمن، تجده أشد منك رخاوة، يمضي وقتاً طويلاً ومملاً وهو يعقد المنشفة على رقبتك وكأنه «بيلبس شبكه»، ثم يبدأ بقص الشعر ببطء قاتل «سلو موشن»، حتى يخيّل إليك أنه «يفلّيك» أكثر منه يحلق لك شعرك!

لكن الوقت يصبح سلحفائياً فعلاً في الربع الساعة الأخيرة من الصيام، الوقت لا يمرّ بتاتاً، ومؤذن المسجد القريب يمارس تشويقاً للصائمين والمصلين يعذب به القلوب الصغيرة، مثلاً أول ما يصل يضيء الأضوية الخارجية وبعض الأضوية الداخلية المطفأة، يتفقّد المراوح وكفاءة المكيفات «ولسان حال الصائمين يقول له أرجوك أذّن»، ثم يمضي إلى الروزنامة يقطع ورقة ويقرأ الحكمة خلفها، يفرغ دلاء الماء الممتلئة تحت «الكولرات»، والأنظار كلها تلاحقه تنتظر تلك اللحظة التي ينفث فيها على مبكر الصوت، ويضع يديه على أذنيه استعداداً للأذان.

حبيبي المؤذن أعرف أنك نجم الحي بلا منازع في هذا الشهر.. «قلبي معك يا مشغل البال ملتاع».. بس «سقا الله وانا شايفك خلف السمّاعة»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر