أبواب

فستان إيفانكا

أحمد حسن الزعبي

نشرت السيدة «إيفانكا»، ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صورة قديمة لها على حسابها في موقع «تويتر»، وقد ظهرت في الصورة طفلة لا يتجاوز عمرها الخامسة، ترتدي فستاناً زهري اللون، وتقف على حافة سرير فخم - آنذاك - له أعمدة مذهّبة محفورة في الخشب ومرتفعة، تحاول أن تطبع إيفانكا الصغيرة قبلة رقيقة على وجنة أمها الشابة الجميلة، ويظهر أسفل الصورة حذاء «بنّاتيّ» نهدي اللون.. ثم كتبت تحت الصورة عبارات عن الأمومة والحنان، لست بصددها الآن.

الغريب في الصورة أن إيفانكا كانت ترتدي جميع القطع والملابس الواجب ارتداؤها أمام الكاميرا، بمعنى آخر منذ اليوم الأول لمولدي ولغاية السنة الرابعة من الجامعة، لم أحظَ بصورة واحدة أظهر فيها بكامل ملابسي، سوى صورة التخرج في حفل البكالوريس، ففي سن خمس سنوات، أي بعمر إيفانكا، جميع صوري المحفوظة بالألبوم كانت ناقصة، بعضها من غير الجزء السفلي من الملابس، قميص قصير أو «فانيلا» و«شبشب»، أو جوارب ومختبئ خلف نجم الصورة، أو أركض بكامل إباحيتي لألحق الصورة، ونادراً ما كنت أواري سوءاتي بإبريق وضوء أو مجرود بلاستيك بناء على نصيحة المصور، الذي هو أحد أفراد العائلة. بعض الصور الأخرى كنت أستر نصفي السفلي بقطعة أو بنطلون مقصوص، بينما الجزء العلوي مكشوف تماماً كمصارعي السومو، وبعض الصور النادرة التي وجدتها في ألبوم العائلة القديم الذي يعود إلى نهاية السبعينات من القرن الماضي، صورة فقط «بالجوارب» لا سفلي ولا علوي، فقط الجوارب هي التي تستر الجسد النحيل والابتسامة المفتوحة على الأسنان المكسّرة، صورة كاملة لا يوجد فيها سوى جوارب! في البداية اعتقدت أنها «صورة أشعّة»، وعندما دققت في بقية أفراد العائلة، الذين كانوا ينقّبون عروق الحمص الأخضر، عرفت أنها جلسة سمر وفرح!

في صورة إيفانكا، التي تعود إلى 30 عاماً تقريباً، تكتمل المتطلبات، فستان جوارب، حلق زنار للفستان، وحذاء بلون الفستان، وسرير مذهّب.. طبعاً المقارنة بيني وبين إيفانكا هنا باطلة، فمن كان بحاجة إلى بنطال على مقاسه في زمننا، فمن الترف والجنون والغلو أن يسأل عن سريره، لا سرير لي، في الشتاء آخذ زاوية حادة بين الصندوق الخشبي والخزانة، وفي الصيف أنام خارجاً في الهواء الطلق، فرشتي واحدة من سبع فرشات ممدودة أمام الغرفتين اليتيمتين، وحظي غالباً على باب إحدى الغرفتين، ما يعني كل المارين من وإلى الغرفة يجب أن يقفزوا من فوقي، أو يركلوا رأسي دون قصد.

رغم كل هذا، إلا أننا كنا نملك ما لا تملكه إيفانكا.. إيفانكا في الصورة تظهر على سريرها «ناموسية» خفيفة لتحميها من قرصات الناموس، نحن كنّا نرش مساحة النوم كلها بــ«الديزل والفليت» خوفاً من الحشرات والعقارب، لذا عند أول الغفوة تنسى نفسك من رائحة الديزل الثقيلة، وتعتقد أنك تبيت في مدينة الشاحنات!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر