أبواب

وأنا رمشي ما ذاق النوم

أحمد حسن الزعبي

على مرّ التاريخ كان الإمام والشخصيات الدينية عموماً، المقربون من الحكم، هم من يتوّلون خط الدفاع الأول عن أخطاء الزعيم وهفواته، ويجدون له مسوّغاً مُرضياً ومخرجاً ملفقاً، حتى تطلع صورته بيضاء من غير سوء، فهو لا يزل ولا يخطئ ولا يغفو ولا ينام ولا يلحن في القول، ولا يرتكب جريمة لغوية في الإعراب.. في السنوات الأخيرة احتل الناطقون الرسميون باسم الحكومات هذه المهمّة، وتفوقوا عليهم من حيث اختلاق التفسير والتبرير والتبييض.

«الزعيم التسعيني» موغابي ضُبط أكثر من مرة نائماً في اجتماعات مهمة للغاية يحضرها رؤساء أفارقة وعالميون.

مناسبة هذا الكلام ما ساقه الناطق الرسمي باسم رئيس جمهورية زيمبابوي، عندما برر الهجوم الإعلامي على الزعيم التسعيني «موغابي»، الذي ضُبط أكثر من مرة نائماً في اجتماعات مهمة للغاية، يحضرها رؤساء أفارقة وعالميون، كان آخرها المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد لمناقشة اقتصاديات «الدول الهشّة»، ونفى الناطق الرسمي أن يكون موغابي قد نام أو كسر غفوة والعالم مشغول بنهوض اقتصاديات دول إفريقيا الفقيرة، وقال: «كل ما حدث أن الرئيس أغلق عينيه مدّة طويلة خلال الاجتماعات، من أجل إراحتهما، وليس من أجل النوم».

وعندما ذكّره بعض الإعلاميين بأن هذا الأمر تكرر أكثر من مرّة، وفي أكثر من اجتماع، وعلامات النوم بدت واضحة، قال الناطق الرسمي: «أشعر بالإحباط عندما تحدث مثل هذه التأويلات، التي تتحدث عن نوم الرئيس خلال المؤتمرات، ليس الأمر كذلك، فالرئيس يتحسس من الأضواء الساطعة، إنها تؤذي عينيه».. وقد تناسى الناطق الرسمي أن ثمة اختراعاً اسمه النظارة الشمسية، توصّل إليه الصينيون منذ القرن الثاني عشر، لحجب الأشعة الضارة والساطعة.

لماذا يعتقد الناطقون الرسميون في دول العالم الثالث وما دونها أن عليهم تجميل كل شيء قبيح، ورفعه إلى مستوى المثالية، لماذا لا يعترفون بالخطأ والسهو، وأن الزعيم أو رئيس حكومة ليس إلهاً أو سوبر مان، ينعس وينام ويتعب، ويصدر قرارات خاطئة.. أبداً ليست هذه مهمّة الناطق الرسمي، أن يصبح خبير تجميل، فالناطق الرسمي يتعامل من موقعه بصدقية ومهنية، وعندما لا يعرف فليقل لا أعرف، أو يتركها دون تعليق تظلّ أجمل.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر