أبواب أحمد حسن الزعبي

شعوب وصيصان

أحمد حسن الزعبي

قيل المثل: «قعود.. بيعلم التطريز» في زمن كان فيه التطريز مضيعة للوقت وترفيهاً لا يعود بالنفع على صاحبه، فقالوا من يقعد كثيراً فإنه سيتعلم حياكة الخيطان الملونة والخرز وغيرها من إكسسوارات الثياب، حتى صار التطريز فنّاً بحد ذاته واستثماراً نافعاً وفريداً، فأي ثوب مشغول يدوياً صار يباع هذه الأيام بألف دولار على أقل تقدير، حيث يرتفع سعر الثوب طردياً حسب الوقت الذي مضى من قعود «...» ومن كمية التطريز.

المثل الآخر أراه أكثر دقة ويوصّف حالة الفنان الفرنسي «أبراهام بوانشيفال».. فالمثل يقول: «الفاضي يعمل قاضي».. لكن الأخ أبراهام وجد نفسه خالي الهموم والاهتمامات والمسؤوليات والواجبات، فلا خلفه أولاد يريدون أقساط جامعات ومدارس ولا يوجد أمامه مصاريف يوميه يفكّر كيف يتدبّرها ولا قوائم طويلة من الطلبات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد.. لذا كرّس الفنان «أبراهام» كل وقته لتحدّي نفسه، لافتاً أنظار العالم بتصرفات غريبة الأطوار.. قبل شهور قرر هذا الفنان أن يضع نفسه داخل نحت مجوّف لدب وأمضى به أكثر من أسبوعين دون الخروج أو التحرك بتاتاً.. ثم أمضى أسبوعاً آخر داخل تجويف صخرة ضيقة للغاية، وبقي جالساً فيها وينام بوضعية صعبة، ويمررون له الطعام وهو داخل الصخرة مطبقة تماماً تشبه القبر الطولي.. هو هو الآن يدخل مرحلة جديدة من التحدي ويرقد على بيض دجاج واضعاً «بطّانية» على كتفيه ويجلس كما تفعل الدجاجة بهدوء وسكينة وقلة حركة على 10 بيضات (مواليده القادمة) داخل حاوية زجاجية مستخدماً حرارة جسمه لتفقيس البيض المتوقع خروج صيصانه خلال أيام قليلة قادمة.

طبعاً كلما مرّ زائر من أمامه وسأله عمّا يفعل يقول بسعادة «لقد أصبحت دجاجة»، وبهذه المهنة الجديدة فإن «الفاضي لا يعمل قاضي»، الفاضي في فرنسا بيعمل «دجاجة» أحياناً.

الأخ أبراهام إذا كان لديك كل هذا الوقت ولا تعرف كيف تملأه أو تستغله.. صديقي تستطيع أن تحمل القضية الفلسطينية بين أروقة الأمم المتحدة أو الملف السوري بين جنيف والاستانا.. ربما الله يفرجها على يديك.. صدقني هناك شعوب أحوج للدفء من صيصانك!

كلما مرّ زائر من أمامه وسأله عمّا يفعل يقول بسعادة «لقد أصبحت دجاجة»، وبهذه المهنة الجديدة فإن «الفاضي لا يعمل قاضي»، الفاضي في فرنسا بيعمل «دجاجة» أحياناً.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر