أبواب

هنا طنطا

أحمد حسن الزعبي

ليس أمام مصطلحات الخسّة والدناءة وكل الأوصاف الوضيعة إلا أن تعلن إفلاسها أمام ما جرى، صباح الأحد الماضي، في كنائس مصر.

حتى كلمة «وحشية» تصبح وادعة أمام من يستهدف دور العبادة وقتل المصلّين وتمزيق أشلاء الناسكين الداعين للعالم بالمحبة والسلام، وإراقة دمائهم على الأرض، وإطلاق الأنين وصرخات الألم تحت قباب التعبّد.

حتى كلمة «وحشية» تصبح وادعة أمام من يستهدف دور العبادة وقتل المصلّين وتمزيق أشلاء الناسكين الداعين للعالم بالمحبة والسلام، وإراقة دمائهم على الأرض، وإطلاق الأنين وصرخات الألم تحت قباب التعبّد بدلاً من أصوات التراتيل والسكينة والأدعية، فتعلو أبواق سيارات الإسعاف على أجراس صلاة الأحد الحزين.

ترى من منّا لم ينزف وجعاً عندما شاهد مناظر الكراسي المكسّرة والجروح المفتوحة والأشلاء المقطعة في باحات الكنيسة، وقد قتلت فرحة الأولاد في عيد الشعانين.

من فجّر المساجد في الطائف والكويت قبل عامين، وقتل حرّاس الحرم النبوي.. هو نفسه من تسلل بين المصلّين وقتل أبناء طنطا.. لذا لا داعي لأن نذكر من جديد أدلّة التسامح وضرورة التعايش والعلاقة بين الدينين العظيمين.. فالأديان بعيدة عمّا يقوم به أعداء الدينين وأعداء الله ومتعهّدو الموت.

جلّ من يقوم بتفجير دور العبادة أو الأماكن المدنية، لم يأتوا من دافع ديني أو بأمر إلهي، هم قطّاع طرق وأصحاب سوابق ومرضى نفسيون وفاشلون في الأصل.. لبسوا غطاء «التطرّف» كضرب من موضة العصر ليروّعوا ويقتلوا ويرووا عطش الدم القديم.. صدقوني هم «زعران» ومنحرفون ومضطربون اجتماعياً ونفسياً وصلوا بأرجلهم إلى من يعبئهم بـ«زنبرك الإرهاب» يضعهم على المسار ويقول: انطلقوا.. ومن يعبّئهم أيضاً هو «أزعر» ومنحرف ومضطرب اجتماعياً ونفسياً وسجلّه مليء بالسوابق الجرمية.. أبداً هذا العمل الشيطاني ليس من دافع ديني.. كيف يستوي أن يقوم أحدهم ابتغاء التقرب إلى الله أن يقتل عباد الله في بيت الله؟ أليس هذا جنوناً وحماقة سببه الانحراف قبل كل شيء؟ هل يعدّ عاقلاً إذا أراد عبد أن يتقرّب من سيده أن يفجّر بيته ويقتل أحباءه.. إلا إذا كان حاقداً عليه رافضاً له كافراً به!

هم يريدون أن يروّعوا البشرية غير معنيين بعرق أو دين أو وظيفة أو شكل الضحية، المهم أن يبقى الموت متدفقاً ومتواصلاً والحزن عامر.. لذا علينا أن نخذلهم ونفرح.

يا أهل طنطا.. أنتم من يشعلون العيد من جديد.. ابتسموا للجرح يبرأ.. غنوا واحتفلوا والبسوا ألوانكم البهية.. وقولوا بملء الانتصار: هنا طنطا!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر