مزاح.. ورماح

«طب ليه..؟!»

عبدالله الشويخ

يعرف الشباب كثيرو السفر جميع الإجراءات التي يجب القيام بها عند الشعور بالمطبات الهوائية؛ فبعيداً عن إجراءات السلامة الكلاسيكية التي تطلب المضيّفة القيام بها، أول ما نقوم به عادة هو أن نبدأ بغضّ البصر عن المضيّفة ذاتها.. أنت تعرف أننا لا نريد أن نموت على معصية! ثم نقوم بتبديل الفيلم (الترفيهي) الذي نشاهده إلى برنامج (توعوي)، أو تغيير قناة الأغاني والهيب هوب إلى قناة القرآن الكريم، بحسب الدرجة وخطوط الطيران التي يكون السفر عليها، وتوافر التلفاز أو الإذاعة فقط فيها. وثالثاً يبدأ كل منا بالنظر إلى أصحابه: هل هم خائفون أم لا؟ يتمنى كل منا أن يرى الآخرين يبتسمون لكي يحصل منهم على التشجيع اللازم، وأنّ ما حدث ليس سوى مطب هوائي، ولن نكون خبراً آخر في أخبار حوادث الطيران. يبدأ جو الطائرة بجوار كراسي الشلة يمتلئ بالتسبيح والتهليل وذكر الله.. إلى أن تنتهي المطبات، وما أسرع ذاكرة السمكة لدى الإنسان الذي كلما نُجّي منها عاد لما كان عليه! لا تقل لي إن السفر الكثير يجعل من المسافر أقوى قلباً أو أصلب شكيمة.. فأنا (على الرغم من أني لا أعرف معنى شكيمة لغة ولا اصطلاحاً) سافرت إلى أكثر من نصف دول الكوكب، ولكن مازلت أشعر بالرغبة في قول: «ماما» بصوت عالٍ عند أول مطب هوائي.. هناك دائماً نوع من عدم الاطمئنان بوجودك في أنبوب مصنّع من الفولاذ ومعلّق بين السماء والأرض.

لذلك فمن حقي وحق جميع الشجعان المنتمين إلى فصيلتي انتقاد الخبر الذي جاء في وسائل الإعلام المحلية، وذكر فيه أن إحدى الجهات المقدّرة علمياً ومعرفياً ومهنياً، وهي هيئة الطيران المدني، قد قررت حظر خمس طائرات وشركتين أجنبيتين من استخدام مطارات وأجواء الدولة.

لماذا لم تقم وسائل الإعلام بذكر أنواع الطائرات، وخطوط الطيران تلك؟! لا أعتقد أن الأمر سيندرج ضمن التشهير، لأن الهيئة - كما جاء في بيانها - لم تقم بذلك الحظر إلا بعد أكثر من 300 زيارة تفتيشية موثقة.

مُنعت خمسة طرز من استخدام مطارات الدولة لأنها لا تفي بقواعد السلامة، ولكن ماذا عن خارج الدولة؟ يعني ما اموت هني واموت هناك! لا.. أرجوكم.. من حقي أنا المصاب بفوبيا الطيران أن أعرف من هم الأشرار؛ لأن هناك الكثير من الترانزيت والرحلات غير المباشرة في سفراتنا ولا نريد التورط في إحدى هذه الطائرات أو الشركات غير المضمونة.

من الأكيد أن المقاييس في الإمارات هي الأفضل، وما تطبّقه مطاراتنا ليس علينا أن نتوقع بأن يقوم مطار هيلا بومبا في إحدى دول إفريقيا الوسطى بتطبيقه، ولكن الفكرة في الحضر هي رفع درجة السلامة والحفاظ على حياة الإنسان، ولهذا فحق الزبون في المعرفة قائم.. لا أريد أن أركب طائرة غير مؤهلة أو خطوطاً فوضوية! لا أريد أن أدفن في أحشاء حوت في محيط أعجمي!

أليس حق المعرفة البسيط هذا من حقوق الراكب الذي يدفع أغلى ثمن تذاكر دولية لشركات محلية؟!

Twitter:@shwaikh_UAE

#عبدالله_الشويخ

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر