5 دقائق

قوة المذياع

عبدالله القمزي

يقولون أسوأ عدو للبرنامج التلفزيوني هو جهاز التحكم عن بُعد، فلو لم ينجح البرنامج في الاستحواذ على الاهتمام، يمسك المشاهد الجهاز ويغير القناة. الأمر نفسه ينطبق على البرنامج الإذاعي، فإن لم يعجبنا الموضوع فإننا نبدل الإذاعة. في هذا المقال أود العودة مجدداً للموضوع الذي طرحته مرتين سابقاً، لكن هذه المرة لأجل تقديم مقترحات من شأنها تحسين جودة بعض البرامج الإذاعية في محطاتنا المحلية.

أقدّر تماماً جهود زملائي العاملين في تلك القنوات، وأتمنى أن يتقبلوا ملاحظاتي برحابة صدر.. أولاً هناك نوعان من البرامج:

الأول، برامج تواكب التوجهات الحكومية، وهي لابد منها وضرورية لأنها تعزز الهوية الوطنية لدى الأفراد، وتبرز توجهات الدولة التي تحتاج إلى تكاتف كل المؤسسات والأفراد لأجل تحقيق الأهداف الوطنية وتثقيف الناس بأهميتها، وتتضمن كل المبادرات التي تطرحها القيادة الرشيدة.

الثاني، برامج أغلبها بهدف التسلية، ولا مانع منها كمبدأ، لكن هذه النوعية بحاجة إلى إعادة نظر في محتواها.

• المستمع يريد الاستفادة من تجارب مذيعي البرامج في الحياة، لكن لا تهمنا تفاصيل أكله وشربه، ولا يهمنا لو سكب عصيراً على ملابسه.

الجمهور، الذي يستمع إلى إذاعة ما، يريد شيئاً جديداً، فمعلومة عامة عن كهف في الصين أو مغارة في أميركا قد تكون جديدة للبعض لكنها متاحة عبر «غوغل»، والأهم هو ما يجري بالقرب منا عن أهم الأحداث والأنشطة الاجتماعية المقامة في البلاد.

المستمع يريد الاستفادة من تجارب مذيعي البرامج في الحياة، لكن لا تهمنا تفاصيل أكله وشربه، ولا يهمنا لو سكب عصيراً على ملابسه، لكن مهم أن نعلم عن تجربة مرّ بها نستفيد منها جميعاً كتجربة عانى منها كثيراً أو غيرت مجرى حياته.

لا يهمنا معرفة ما يفعله الآخرون العالقون في ازدحام مروري، ولا نريد معرفة تغريداتهم وخواطرهم عن الحب والوفاء والعطاء أو كلام مغرق في الرومانسية والمثالية، أو لو يشعرون بنعاس خلف المقود ، لكن يهمنا جداً معرفة أين هم حتى نتجنب ذلك الطريق.

البرامج الإخبارية المحلية مهمة جداً، وهي غائبة، أو فلنقل غائبة بالصيغة الإذاعية الصحيحة، أي أنه يوجد مراسل في الموقع ويغطي ما يحدث (بطريقة هيئة الإذاعة البريطانية - بي بي سي)، وهذا برنامج إخباري منفصل تماماً عن نشرة الأخبار المحلية التي يقرأها المذيع بشكل سريع. البرنامج الإخباري به كل التفاصيل بينما النشرة هي قراءة سريعة لأهم عناوين الأخبار.

التقليل من برامج الاهتمام بالجمال والمظهر، والإكثار من البرامج الحوارية، خصوصاً المتعلقة بقضايا ساخنة تهم المجتمع، بكلمات أخرى اتركوا القشور وتناولوا أو ركزوا على المضمون.

مسك الختام: منذ 10 أيام توقفت عند إذاعة كندية إخبارية، تبث من العاصمة أوتاوا، ولم أستطع تغييرها إلى اليوم نظراً لأسلوب الطرح الشيق. أثناء تغطية تنصيب الرئيس، دونالد ترمب، قال المذيع: «أرى شخصيات مهمة بين المدعوين، أبرزها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، نود التنويه إلى أن كل المدعوين حولها يبتسمون لكن السيدة كلينتون لا تبتسم».

هل تعلمون مدى قوة تلك الملاحظة الأخيرة المتعلقة بكلينتون بالنسبة لشخص لا يشاهد التلفاز في تلك اللحظة؟ ملاحظة تغني حتى عن مشاهدة الصورة، وهذا بالضبط ما يسمى بقوة المذياع.. وللحديث بقية.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر