كرة قلم

المال والكأس

حسن الجسمي

كنت خارجاً من برنامج تلفزيوني، وبالمصادفة وجدت أمامي شخصاً يتأهب للدخول إلى الأستديو، لمحته وبادلته التحية وخرجت، ثم قلت في نفسي: أليس هذا رئيس ريال مدريد السابق رومان كالديرون؟

ذهبت إلى الردهة، وإذا به يدخل إلينا بعد نصف ساعة، فعلمت أن حضوره بسبب كلاسيكو الريال وبرشلونة، سرقت الخطوات لأبادله الحديث بعد التعريف بنفسي، لبست ثوب الفضولي، وقلت له: لماذا لم تكمل مسيرتك في قيادة ريال مدريد، واستسلمت لعودة بيريز؟ فقال وهو يضحك: كاد النادي أن يقع على رأسي! وتحدثت عن عدم قدرته على إيجاد موارد جديدة وزيادة دخل النادي، فاستسلم وقال إن بيريز وحدة من يستطيع فعل ذلك.

اليوم مع بيريز ريال مدريد أقوى «براند»، وماركة رياضية في العالم من حيث القيمة السوقية!

قبل أيام عدة دق الزملاء في «دبي الرياضية» ناقوس الخطر، بأن هناك ضائقة مالية تتحكم في الأندية، ولاعبين وصلوا إلى نصف عام ولم يحصلوا على رواتبهم كالموظفين، وأن هناك أندية تصل ديونها إلى نصف مليار درهم، وهي المشكلة الأكبر حالياً، والمنعرج التاريخي في كرة القدم الإماراتية.

• اليوم مع بيريز ريال مدريد أقوى «براند» في العالم من حيث القيمة السوقية.

«سوالف كالديرون» والقضية التي ناقشناها في «المنصة» متشابهة كثيراً، لكن لا يوجد لدينا كالديرون! لا يوجد لدينا من يدير شركة كرة قدم ويقول لن أستطيع المضي قدماً، لأن المدرجات الخاوية تكاد أن تقع على رأسي.

المشكلة تكمن في أن الموارد المالية تأتي من الدعم، ومعظمها ثابت، وكرة القدم واقتصادها متغيران وغير ثابتين، ومعظم هذه الموارد ثابت، وحصلت عليه الأندية من دعم المجالس أو من خلال الدعم الحكومي، فالأندية ترى أن من دفع لها 100 مليون مثلاً سيدفع لها مرة أخرى، وتستثمر في شراء اللاعبين والتعاقد مع المدربين، بغية تحقيق الفوز والكأس في وقت زمني قصير، وهذا يعتبر إنجازاً كبيراً في عرف كرة القدم، لكنه ليس في عرف الاقتصاد، دون النظر في ما حدث وماذا سيحدث غداً، كيف ستغطى الالتزامات والرواتب؟ ولا توجد هناك موارد مادية مستدامة، كما هي في معظم أندية العالم، وتفاقمت المشكلة حينما انعكس المبدأ الاقتصادي الذي يقول «المال يأتي كالسلحفاة ويذهب كالغزال».

الآن نحن في مشكله كبيرة، بغض النظر عن المتسبب، وأين هي المشكلة، وكيف وصلنا إلى هذه الحال، يجب أن نبحث عن حل، حتى لا تتسع الفجوة. أولاً يجب تدخل الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، وحصر ديون الأندية، وجعلها واضحة وقابلة للتحكم، وغير قابلة للمضاعفة، ومن ثم يتدخل الاتحاد بوضع نظام واضح لمعرفة تحويل الرواتب للأندية واللاعبين والموظفين، بحسب المعلن في العقود الرسمية، أما الاتفاقات الخارقة والمبالغ الزائدة فيجب أن يحلها اللاعب مع النادي، ومن ثم فرض عقوبة على الأندية المخالفة، وإيقافها من تسجيل لاعبين جدد، أو بحسب اللوائح، إن وجدت أساساً! نحن في منعرج خطر، والكلام الذي طُرح ليس مجرد تحذير، وليس مجرد «بروباغندا» إعلامية، يجب ألا نستسلم للواقع، وأن ننقذ كرتنا، فما يحدث للأندية في الدول المجاورة من خصم للنقاط، ومنع تسجيل اللاعبين، كان بدايته ما نحن عليه الآن.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر