5 دقائق

هواية دفينة

عبدالله القمزي

أصعب ثلاثة أسئلة طُرِحت عليَّ، ولم أستطع الإجابة عنها، هي:

ما طعامك المفضل؟

ما أفضل فيلم شاهدته؟

ما هواياتك؟

عبر السنين، وجدت إجابة للسؤال الثاني فقط، أما السؤالان الآخران فبقيا يشكلان نوعاً من الحرج لي، خصوصاً الأخير. بالفعل أنا شخص لا أعلم ما هي هواياتي، وكل ما ظننته هوايةً في طفولتي تغيَّر مع الزمن.

ففي الثمانينات، تربيت على قراءة القصص الدينية، ومنها انتقلت إلى كل أنواع القصص الأخرى، لكن اليوم لم أعد أقرأ قصصاً أو روايات، وآخر رواية قرأتها كانت منذ خمسة أعوام، لأن أحد أصدقائي طلب مني ذلك، بغرض مناقشتها معه.

• أعترف بأنني لا أنام قبل أن أمضي ساعتين، أتجول بين كل الإذاعات العالمية.

في الواقع لازلت أقرأ، لكن بطريقة سريعة ومستعجلة، بغرض تكوين أفكار فقط، أو الإحاطة والإلمام، ولا أستطيع التعمق، لأنني لا أجد شيئاً ممتعاً لقراءته، خصوصاً باللغة العربية، في ظل وجود الكثير من كتب «الكلام الفارغ»، التي يؤلفها كتاب محليون، وخصصت لها مقالاً سابقاً، بعنوان «أزمة ثقافة». معظم النصائح التي تسدى لي، تقترح عليَّ قراءة كتب الأدب العربي الكلاسيكي.

في أول التسعينات، أصبح عندي اهتمام شديد بالرياضة، تحول مع مرور الوقت إلى شغف، وكنت أشاهد كل البطولات الدولية، وأحفظ أسماء اللاعبين إلى درجة أن صديقاً كان يظن أنني سأدرس التربية الرياضية كتخصص في الجامعة، ولم يحدث ذلك، وقل اهتمامي بها كثيراً، بحلول منتصف التسعينات.

إذاً.. فما هوايتي؟ قيل لي إنها السينما. الهواية في اللغة هي الولع بشيء ما، أو عشق عادة معينة وممارستها في أوقات الفراغ. فلو سألت نفسي هل السينما هوايتي؟ فالإجابة ستكون بالنفي!

أنا أغطي السينما في هذه الصحيفة، وبالتالي فهي عملي، وهي ليست نشاطاً أفعله كل يوم، ولا أفعله دائماً في وقت الفراغ. في الحقيقة أعشق السينما عندما أشاهد مجموعة من الأفلام الجميلة، ويقل اهتمامي بها عندما أضطر لمشاهدة مجموعة أفلام سيئة، فلا أظن أن وصف هواية للسينما ينطبق في حالتي، وأعلم أن كثيرين سيختلفون معي في هذه النقطة.

قيل لي إنها الجلوس في المقاهي وقراءة الصحف، وهي عادة درجت عليها لسنين طويلة، لكن اليوم لم أعد أفعل ذلك بصورة منتظمة ولا حتى شبه منتظمة، بل من النادر أن أفعل ذلك.

منذ أسبوعين، أرسل إليَّ صديق رابطاً لموقع يحوي محطات إذاعية من مختلف أنحاء العالم، وهنا تحديداً تغيرت حياتي عندما وجدت ضالتي! أعترف بأنني لا أنام قبل أن أمضي ساعتين، أتجول بين كل الإذاعات العالمية. وفي أي وقت فراغ أجد نفسي أفتح الموقع أو التطبيق، وأصنع لنفسي جولات إذاعية، لا تتخيلون كم أستمتع بها!

مسك الختام: بقدر ما يبدو ذلك غريباً، نعم اكتشفت أن المذياع هو هوايتي الدفينة، أو إحداها التي لم أكن أعلم أنها موجودة، هواية مارستها قليلاً عندما كنت أسافر إلى أوروبا، لكن دون أن أعلم أنها ستتطور بهذه الطريقة عند توافر التقنية. للعلم أنا لا أهتم بالإذاعات المحلية، نظراً لغلبة البرامج التافهة على الجادة والجميلة. الأغرب أن الصديق الذي أرسل إليَّ الرابط أشترك معه في أشياء كثيرة منها السينما، وكلما أكتشف شيئاً عن نفسي، فإنني أجده فيه أيضاً.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر