5 دقائق

بين الصحافي والمسؤول

عادل محمد الراشد

العلاقة بين الصحافة وأكثر المؤسسات والجهات الحكومية لاتزال ملتبسة. الصحف تريد المعلومة، وتطلب تسهيل مهمتها في الوصول إلى المسؤولين، وتبحث عما يميزها في ما بينها لكيلا تكون نسخاً مكررة على طريقة قص ولصق. والجهات الحكومية ترغب في قضاء حوائجها بالكتمان، وتخشى ردود فعل كبار المسؤولين، وتظن بأن الصحافة تبحث عن السلبيات، وتنبش في الملفات الجانبية، وتترك السطور لتقرأ ما بينها.

• الصحافة ليست بحاجة إلى مديح يكال إلى دورها خلال الإحاطات واللقاءات الخاصة يتبعه جفاء وتهرب ولوم في ميدان العمل.

الصحف تشتكي أن أكثر القائمين على المؤسسات والجهات الحكومية وشبه الحكومية يريدون الصحافة نشرات إخبارية تفسح المساحات لأخبارهم البروتوكولية، حين يستقبلون ويودعون ويفتتحون ويقفون أمام منصات المؤتمرات الصحافية. والصحافيون يقولون إن هذه الجهات تلاحقهم بالدعوات والاتصالات عندما ترغب في عرض مشروعاتها واستعراض منجزاتها، وتتهرب من الإجابة عن أسئلتهم، وتصد عن الاستماع إلى ملاحظاتهم، ويغضب مسؤولوها إذا حصل الصحافي على معلومة من وراء ظهورهم.

والجهات الحكومية تفضل أن يكون كل شيء من خلال إدارات وأقسام العلاقات العامة التابعة لها كيلا تتضارب المعلومات ولا تختلف المواقف، وتبرر ذلك بأنه خدمة تقدمها للصحف من خلال جهة الاختصاص. والصحف ترى في هذه الإدارات فرعون عليها لا عوناً لها. وتدفع بأن أغلب القائمين على هذه الإدارات والأقسام أفراد غير مهنيين يجهلون الكثير من أبجديات العمل الصحافي، لأنهم لم يمارسوه أو يختلطوا بوسطه. وتقول إن الطامة كبرت والفجوة زادت عندما حاول هؤلاء سد نقص خبرتهم وقلة معرفتهم بالاستعانة بشركات العلاقات العامة، وسلموها الجمل بما حمل، وحملوها مسؤولية حماية المسؤول والمؤسسة من أسئلة الصحافيين، ومحاولتهم الاختلاء به للحصول على تصريح جانبي هنا أو توضيح هناك.

والطبيعي أن يظل بعض الحذر يلازم المسؤولين ومؤسساتهم تجاه الصحافة والصحافيين، وهذه حالة تكاد تكون عامة في كل أرجاء العالم، ولكن غير الطبيعي أن يتحول الحذر الى وجل وشك يصل الى التشكيك في أداء الصحافي لعمله، فيلجأ أغلب الجهات ذات العلاقة المباشرة بمصالح الناس وحاجاتهم الى شركات علاقات عامة يتشبه موظفوها برجال الأمن الخاص، وتختزل العلاقة في بيان صحافي أشبه ببيانات التعبئة العامة، يوزع على جميع الصحف، ظناً بأنه سيصل إلى القارئ أينما يمم وجهه في أي جريدة شاء.

الصحافة ليست بحاجة إلى مديح يكال إلى دورها خلال الإحاطات واللقاءات الخاصة يتبعه جفاء وتهرب ولوم في ميدان العمل. فالصحف تتبع مؤسسات وطنية تدرك حجم المسؤولية المناطة بها، ودورها لا يكتمل في ظل فهم أبتر ترسخ بفعل ثقافة «الباب اللي تجيك منه الريح سده واستريح».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر