5 دقائق

الأضحى والأضاحي

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

تَهلُّ علينا أيام مباركة، هي صفوة أيام السنة وأفضلها عند الله تعالى؛ فمع فضيلة الأيام العشر التي نعيشها، وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام، يَهلُّ علينا أيضاً أفضل أيامها وخاتمة مسكها، إنه يوم عرفة الذي يجتمع فيه حجاج بيت الله تعالى في صعيد عرفة، يسألون الله مغفرته ورضوانه فيعطيهم ربهم سؤلهم، ويباهي بهم ملائكته الكرام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

•نستقبل هذه الأيام الفاضلة بنيات صالحة، وتنافس في الأعمال، عسى أن نكون من المقبولين.

يتزود المسلمون في يوم عرفة بالأعمال الصالحة الكثيرة؛ من ذكر الله كثيراً، كما ورد في الحديث «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، فالحديث حث على الدعاء الذي هو مخ العبادة، وعلى الذكر بكلمة التوحيد، ومن صيام يكفر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، كما ورد في الحديث «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده».

ويَهلُّ علينا عيد الأضحى المبارك الذي هو يوم الحج الأكبر، وهو أفضل الأيام عند الله تعالى؛ لما فيه من ختام مناسك الحج، وتمام مغفرة الله تعالى للحجاج، وما فيه من ذكرى أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام الذي ابتلاه ربه سبحانه بكلمات فأتمهن، ففدى الله ابنه الصديق بذبح عظيم، فكانت سنة الأضاحي تعبيراً عن ذكرى ذبح الهوى وحظوظ النفس، في مقابل امتثال أمر الله تعالى والتماس رضوانه.

ويَهل علينا يوم العيد، الذي هو أفضل الأيام عند الله تعالى، كما ورد: «أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر، ثم يوم القَرّ»، وهو يوم الحج الأكبر الذي يقضي فيه الحجاج تفثهم ويتمون حجهم، والذي يسعد فيه المسلمون بصلاة العيد مجتمعين في المصليات والمساجد، وتصفو فيه النفوس، وتتآلف فيه القلوب، ويتراحمون في ما بينهم، وفيه يتقربون إلى الله تعالى بالأضاحي، التي هي أعظم القربات في هذا اليوم بذبح الأضاحي من بهيمة الأنعام التي خلقها الله تعالى لعباده؛ ليأكلوا منها ويطعموا البائس الفقير، والقانع والمعتر، فما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل، من هراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة، بقرونها، وأظلافها، وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً، كما ورد في الحديث.

وتَهلُّ علينا أيام التشريق، التي هي الأيام المعدودات التي أمر الله تعالى عباده بالإكثار فيها من ذكره وشكره والتقرب إليه بقرابين بهيمة الأنعام، وهي أيام أكل وشرب وذكر الله، يحرم فيها الصيام فرضاً أو نفلاً، لأنها ضيافة الله تعالى لحجاج بيته وشملت غيرهم تبعاً لهم؛ فهذا العيد هو في الحقيقة عيد الحج والحجاج، فببركتهم نال الجميع هذه العطايا الإلهية، والمنح الربانية، التي ألحقت المقيمين بالحجاج والمعتمرين.

أيام حافلة بالمواهب السنية، من رب البرية، لهذه الأمة المحمدية التي هي أقل الأمم أعماراً وأعمالاً، وأعظمها أجراً، وأفضلها مكانة عند الله تعالى، فأكرمها الله تعالى بهبات وافراتٍ، يتفضل بها في الأيام التي جعلها فاضلات، ليتزود فيها المؤمنون للقاء ربهم، ودار آخرتهم، يوم أن تأتي الأمم الأخرى مفلسة من الأعمال الصالحة بسبب عنادها وبعدها من شرعه الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليخرج الناس من ظلمات الشرك والوثنية إلى نور الله المبين، الشرع الذي هو مصدق لما بين يديه ومهيمن عليه، والداعي إلى توحيد الله وصفاء الفطرة والاستخلاف في الأرض، على وفق المنهج الذي يصلح ولا يفسد.

نستقبل هذه الأيام الفاضلة بنيات صالحة، وتنافس في الأعمال، عسى أن نكون من المقبولين!

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر