مزاح.. ورماح

«من أفواه المساجين..!!»

عبدالله الشويخ

قال لي الضابط وهو يبتسم بطريقة عسكرية جداً: لا بأس يمكنك الدخول إلى صديقك هذه المرة، ولكن صدقني إذا حاولت تكرار ما فعلته في المرة الماضية، فلن أكتفي بمصادرة السجائر سيكون عقاب كليكما أكبر بكثير! كان ذلك في بداية التسعينات حين كانت أكبر مشكلة قانونية أو اجتماعية يمكن حلها «بحب الخشوم».

كنوع من التعاطف الثقافي كنا نحضر لصديقنا في كل زيارة عدداً من الكتب الفكرية «وهو الأمر الذي ندمنا عليه في ما بعد»، ومجموعة غير محدودة من المجلات (ماجد وميكي وسمير والعربي الصغير) وغيرها، لا يمكنك إجبار شخص «يستعمل» على حب القراءة إلا في ظروف ذهبية مثل هذه.

الحق يُقال إن أفكاره وزاوية نظره إلى الأمور كانت مرعبة، وغريبة، تليق بشخص ضرب لديه فيوز، ولايزال عدد آخر منها يعمل، خذ عندك هذه النظرية التي قالها لنا بينما هو يخرج السجائر الملفوفة بعناية في ورق ألمنيوم من داخل أحد الساندويشات قوية الرائحة، هل جربت سابقاً أن تدخن سجائر تم إخفاؤها في ساندويش فلافل؟ ألم أقل لكم بأنه تاب من الماريغوانا؟!

قال لنا: انظروا إلى الفرق في التعامل مع المرأة بين الرجل الشرقي والرجل الغربي، نحن نتعامل معها بخوف، خوف حقيقي، كائن لا تعرف ردود فعله، لذا فأنت تعتقد أنك لكي تكسبه عليك إما أن تغدق عليه بلا حدود «لم يكن مصطلح الخرفنة منتشراً في التسعينات»، أو أن تحاول السيطرة عليه، بينما الرجل الغربي يتعامل معها بتلقائية تجعلها تشعر بالاطمئنان، ولهذا فانظروا إلى أي امرأة تدخل في نقاش أو شراء أو عمل مع ألف غريب لا ترتبك إلا حين يدخل عليها واحد من ربعنا، بل إن بعضهن يتركن الشيلة وهناك عشرات العمال في المنزل، ولكن حين يدق الباب تركض إلى شيلتها وهي تصرخ: صبر صبر شوي!

نظرت وصاحبي إلى مضيفنا ونحن لا نعرف إلى أين يريد أن يصل تماماً، تشجع صاحبي فأنت تعلم بأن مزاج «المستعملين» لا يمكن التنبؤ به، وقال له: ثم ماذا؟!

رأيت أين يخبّئ صاحبنا عود الثقاب، ولكني صدقاً لا أذكر ما هو السطح الذي حكه فيه لكي يشتعل ويبدأ بصناعة الحلقات الشهيرة التي تعلمها في السجن، أتمنى ألا يكون قد فعل ذلك على طريقة توم الشهيرة، أجاب وهو يصنع شعار الأولمبياد:

الأمر مرتبط بالتربية المبكرة منذ الصغر، أنظر إلى «ديزني» إنها تعطي للقارئ الطفل لديهم نموذجين أنثويين، ميني ماوس، وبطوطة كما نسميها، الأولى متفانية جداً وتقدر «خطيبها» وتدعمه، بينما الثانية سخيفة ومتسلطة وتحب الموضة، وتحتاج إلى أن يكون بطوطها قادراً على الدفع دائماً، وهكذا فإن الطفل الغربي يعرف أنماط النساء والتعامل معهن، ويتوقع ما سيواجهه مستقبلاً، أما نحن فلدينا «شمسة ودانة» بيضاء وسمراء، وهما شقيقتان! غريبتان في جزيرة معزولة! ومعهما سلحفاة حكيمة! وببغاء ثرثار! وعنزة محبطة! كيف يمكنني التعامل مع هذه التركيبة العجيبة!

#عبد الله_الشويخ

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر