5 دقائق

في أدبيات الإغماءة الكلاسيكية

عبدالله القمزي

بعد مقالين سابقين في الدراما الخليجية وصلتنا ملاحظات عدة معظمها يطلب منا رصد أهم سمات الدراما الخليجية كما نفعل في تقارير السينما الأسبوعية في هذه الصحيفة. الحقيقة أن لكل دراما سماتها الخاصة، وكليشيهاتها الخاصة، فالأميركية تشتهر بتعثر البطل عند هروبه من شىءٍ ما أو انتهاء الرصاص من مسدسه في اللحظات الحاسمة.

الإغماءة الكلاسيكية في الدراما الخليجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشهد المستشفى.

الهندية تشتهر بسقوط البطل على عربة بيع الخضراوات والفواكه أو بمشهد الدراجة النارية تقفز من فوق العربة. (أرجو المعذرة إن كانت معلوماتي غير محدثة).

أما الخليجية فتشتهر بالإغماءة الكلاسيكية، تلك الإغماءة التي لم تغب عنها منذ أن عرفناها. ومن خبرتنا المتواضعة في الرصد عموماً خلال شهر رمضان، ومن خلال تجربة توقعها بشكل صحيح بنسبة 100% قبل أن تحدث، فبوسعنا القول إن الإغماءة الكلاسيكية هي أهم سمة وكليشيه في الدراما الخليجية.

تقسم الإغماءة الكلاسيكية إلى ثلاثة أنواع: الأول هو الإغماءة القوية وتعتمد على ارتطام رأس الممثل أو الممثلة بالأرض بقوة مع فرد اليدين بالكامل، والهدف منها إقناع المشاهد بصدقية المشهد من خلال قوة الارتطام، وعادة يقوم بها ممثل أو ممثلة قديران معروفان لا تقل خبرتهما عن ثلاثة عقود.

أسباب هذه الإغماءة هي: طلاق الابنة، أو سرقة ميراث، أو اتخاذ الزوج زوجة ثانية واكتشاف الأولى أن لديه أبناء.

النوع الثاني هو الإغماءة المتوسطة، وتعتمد على سقوط الممثل/‏‏‏الممثلة على الأرض في مرحلتين، يجلس إلى الخلف أو يجثو على ركبتيه ثم يسقط برفق. هذا النوع يؤديه ممثلون/‏‏‏ممثلات خبرتهم أقل من نظرائهم المذكورين في النوع الأول، (معظهم ظهروا بعد عام 2000)، هذه الإغماءة لا تتمتع بصدقية النوع الأول لكنها مقبولة إلى أن يصبح مؤديها مؤهلاً للنوع الأول.

أسباب هذه الإغماءة: زوجة ثانية، فتى يتزوج دون علم والديه، سرقة ميراث وبيع منزل الورثة دون علمهم.

النوع الثالث هو الإغماءة الضعيفة، وهي الأسوأ إطلاقاً، ويشترط وجود سرير بجانب الممثل/‏‏‏الممثلة كي يؤديها دون أن يؤذي نفسه. هذا النوع غالباً من نصيب ممثلين غير معروفين يظهرون للمرة الأولى. عادة في هذا النوع يتدخل المخرج لمساعدة الممثلين بالكاميرا والمونتاج، فنراه يقطع قبل ارتطام الرأس بالوسادة الوثيرة. هذه الإغماءة يسخر منها المشاهدون الذين لا يقدرون جهود الممثلين في أدائها.

أسباب هذه الإغماءة: زوجة ثانية، تورط الابن في قضية مخدرات، اكتشاف الزوجة أن زوجها أنجب من الثانية ويرفض تطليقها.

وهناك نوع رابع لكن غير معترف به لأنه غير منتشر، وهو إغماءة الممثلين الأطفال. هذا النوع تعتريه مشكلات كثيرة، منها أن الطفل لا يغمض عينيه جيداً ولا يحسن التمثيل أساساً، ويمكن أن ينهض بمجرد أن ترفعه والدته من على الأرض وكأن شيئاً لم يكن!

لا يوجد سبب ثابت لإغماءة الأطفال لكنه غالباً مرتبط بعامل لا يمكن أن يغمى على طفل بسببه إلا في مسلسل خليجي!

آخر الكلام: لا ننسى أن الإغماءة الكلاسيكية في الدراما الخليجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشهد المستشفى، أو لنكون أدق بدعاية يدخلها العاملون في القنوات التلفازية قبل مشهد المستشفى لعلمهم بأن الإغماءة أصبحت بأمس الحاجة إلى تجديد عجز المخرج عن إضافته!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر