كرة قلم

صباح الخير يا ميسي!

حسن الجسمي

يقال، والعهدة على الراوي، إن صحيفة أرجنتينية قالت، بعد خسارة الأرجنتين من تشيلي في نهائي كوبا أميركا، عبارة قاسية، مضمونها «شمس الأرجنتين أشرقت مع مارادونا، وغابت مع ميسي»، والشمس المشرقة في ثقافة الأرجنتينيين هي رمز من رموز الوطنية، والشمس التي لا تغيب، وقد أصبح ميسي سبباً في غيابها!

قد تجلس مع نفسك وتسأل: هل كان ميسي سبب خسارة ثلاثة نهائيات متتالية منذ 2014؟ أي هل كان سبباً مباشراً؟ هل طُرد متعمداً؟ أو تعامل مع المجموعة بشهرته وحرّضهم على الخسارة على سبيل المثال؟ الجواب على جميع التساؤلات الماضية: طبعاً لا! إذاً لماذا يتحمل ميسي الخسارة وحده؟

يرى معظم محبي الأرجنتين أن خسارة البطولات أهون من خسارة ميسي.

هل لأنه أسطورة، وأفضل لاعب في العالم، وحقق مع برشلونة ما لم يحققه غيره، ولم يحقق مع المنتخب قطرة من بحر إنجازاته مع برشلونة؟

لدي سؤال أخير: هل ما حققه تم بجهد شخصي أم كان سببه الكرة الشاملة بوجود بويول وتشافي وانيستا وغيرهم في برشلونة؟ بصراحة وصل التناقص ذروته، إذ كنا ننتظر أن يحقق ميسي بطولة مع الأرجنتين لنقول عنه «رسمياً»: أنت أسطورة.

المشكله بدأت من ميسي نفسه، بعد أن عود محبيه على أن يكون بطلاً، مع فريق بطل، وهنا يكمن الفرق، فاللاعب الأسطوري الفذ مع فريق بطل نتجت عنه بطولات لا تعد ولا تحصى، وهذا غير متوافر في الأرجنتين بصراحة، حتى لو كان القاسم المشترك الفتى الأسطوري، لذلك خرج وهو يبكي للمرة الرابعة في أقل من 10 أعوام، حتى صرخ في وجه الإعلام والحظ والناس أجمعين، والدمعة تقطر على خديه، وقال «أنا سأعتزل دولياً».

وهنا كانت الطامة الكبرى، حيث يرى معظم محبي الأرجنتين أن خسارة البطولات أهون من خسارة ميسي! لكن دعونا نفسر هذا الاعتزال الغريب من ميسي، الذي له تفسيرات عدة، فكيف للاعب أن يعتزل وهو سيكمل عامه الـ29 بعد أقل من شهر، يستطيع على الأقل لعب كوبا أميركا وكأس العالم مرة أخرى!

التفسير الأول، وهو كما قال روميو حارس المنتخب، أن القرار جاء سريعاً، وبعد هزيمة مؤلمة، وربما ميسي تسرع بإعلان اعتزاله، وأرى أيضاً أن ميسي ربما تسرع في مثل هذا التصريح، وقد جاء من باب الغضب والقهر والضغط الجماهيري والإعلامي، وانفجر بالاستسلام والاعتزال.

أما التفسير الثاني فهو أنه فعلاً يريد ترك هذه المهمة، والمقارنات مع مارادونا، والابتعاد عن الضغوط، لأنه ولّد في داخله شعوراً يقول «بلا منتخب بلا وجع قلب ودماغ»، وقرر أن يعتزل، وأن يعيش بقية حياته كلاعب في برشلونة، يفوز ويحصد البطولات والكرات الذهبية، بعيداً عن أميركا الجنوبية وجنون كرتها.

والتفسير الثالث والأخير هو أنه يريد أن يكسب تعاطف الأرجنتينيين، فهو يعتبر أيقونة الأرجنتين الأولى، فمعظم سكان الأرض لا يعرفون من هو رئيس الأرجنتين، لكنهم يعرفون من يكون ميسي، لذلك اعتزاله خسارة، وفقدان قامة وطنية كبرى، وهو يستطيع أن يكون جزءاً من منتخب قوي، ينافس على كأس العالم في روسيا بعد عامين، ووجوده يعطي رونقاً إعلامياً وجماهيرياً للمنتخب، فالانذار بالاعتزال جاء من باب تخفيف هول الانتقادات، وتخفيف صدمة الخسارة بصدمة أخرى، وهذا ما أراه الأقرب للحقيقة!

عموماً، لدي إحساس يقول بأن ميسي سيعود إلى المنتخب، بضغوط سياسية، أو ربما بتظاهرات شعبية، فالاعتزال مهما كان تفسيره فهو لن تتقبله الأرجنتين وعشاق كرة القدم، والرعاة والمعلنون والإعلاميون، وكل من لهم صلة بكرة القدم سيتدخلون، وسيعود ميسي إلينا من جديد!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر