5 دقائق

مهنة المستقبل

الدكتور علاء جراد

شريحة جديدة من الوظائف أصبحت موجودة وبقوة، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، وهي «نقل المعرفة»، والمتابع لهذا القطاع سيجد الكثير من طلبات التوظيف لمتخصصين في نقل وتبادل المعرفة، مثل «اختصاصي نقل معرفة» Knowledge Transfer Specialist، وتنفيذي نقل المعرفة، وكذلك مدير نقل المعرفة، وحتى رئيس تنفيذي لنقل المعرفة، وقد بدأت بعض المعاهد المختصة في تقديم برامج تدريبية متخصصة لتأهيل محترفين في نقل المعرفة، لأن الاستفادة من إدارة المعرفة لا تنحصر فقط في توثيق المعارف الضمنية، بل في الاستفادة الحقيقية من تلك المعارف، وتحويلها إلى منتجات وخدمات ملموسة ذات قيمة اقتصادية.

• أهم مواصفات شاغلي وظائف نقل المعرفة القدرة على التخطيط والتحليل والبحث العلمي.

لقد انتشر هذا التوجه بعد التقدم الذي وصلت إليه هذه الدول في البحث العلمي، فقد كانت في البداية تركز على إجراء البحوث والدراسات، ولكن بسبب ندرة الموارد وكثرة التحديات الاقتصادية في دول العالم أصبح التوجه في البحث هو «البحث ذو الأثر» أو Impactful Research، وأصبح أحد معايير تخصيص مِنَح للبحث هو التأكد من أن هذا البحث سيكون له أثر مباشر، وسيتم فيه نقل وتبادل المعرفة، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى هؤلاء المختصين في نقل المعرفة، وقد قمت بإجراء بحث في مواصفات شاغلي هذه الوظائف من خلال استطلاع 14 وصفاً وظيفياً، فوجدت أن أهم مواصفات شاغلي وظائف نقل المعرفة هي، القدرة على التخطيط، القدرة على التحليل والبحث العلمي، الاطلاع الواسع على المستجدات والاتجاهات الحديثة في العلوم والتكنولوجيا، مهارات التقديم والتسويق، القدرة على بلورة الأفكار وتصميم منتجات وخدمات جديدة، القدرة على التوثيق والتنظيم، القدرة على الشرح وإيصال الأفكار والمعلومات بطريقة سلسة، وأخيراً مهارة التعامل مع البيانات واستيعابها. ومن هنا يتضح أن معظم هذه المهارات يمكن اكتسابها خارج أسوار المؤسسات التعليمية إذا توافرت لدى الإنسان الرغبة والقدرة على التعلم. ويوجد حالياً في بريطانيا وحدها 12500 وظيفة في مجال «نقل المعرفة»، ويزداد الطلب على «ناقلي» المعرفة بدرجة كبيرة يوماً بعد يوم.

إن المعرفة تقود إلى الحكمة، وقال المولى عزّ وجل «وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»، (البقرة، 269). إن نقل المعرفة له أدوات واستراتيجيات منها «خرائط المعرفة»، والتدوير الوظيفي، والتوجيه والتدريب التوجيهي، والاستعانة بالمتقاعدين من ذوي الخبرات. لا شك أن النجاح في مجال نقل المعرفة يتطلب الجدية والتطبيق العملي مع الاستمرارية والوصول إلى نتائج ملموسة، ففي بعض المؤسسات تبدأ المبادرات بحماس، ولكنه لا يدوم سوى شهور قليلة تموت بعدها المبادرة، ثم تبدأ مبادرة أخرى وتتكرر القصة، وتُهدر الموارد وكذلك المعارف المكتسبة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر