5 دقائق

زايد غير

عادل محمد الراشد

صار من نافلة القول التحدث عن مآثر الشيخ زايد الخيرية، عطاياه ومكرماته وتبرعاته ومشاعره الجياشة تجاه القريب والغريب، فالأرقام المليارية المسجلة في رصيد دولة الإمارات الإنساني في جميع بقاع الأرض أصدق إنباء من الخطب. فزايد والخير صارا اسماً مركباً لشخصية جاد الله تعالى بها على هذه الأرض، ففاض معينها وانساب خيراً صافياً وعطاء بلا حدود تجاوز كل الحدود.

لكن العجيب في سيرة هذه الشخصية الفذة، تلك الإضافة الجوهرية التي أدخلها على مفاهيم العمل السياسي، ليتجاوز الصور النمطية التقليدية للسياسة والسياسيين، فالسياسة التي عرفت بأنها فن إدارة المصالح، واستباح فيها السياسيون ميكيافيلية «الغاية تبرر الوسيلة» لتحقيق المصالح، قدمها الشيخ زايد، رحمه الله، بمفهوم إنساني وبتلقائية صافية خالية من الألوان، ومتحررة من التكلف واصطناع المواقف.

• أنسنة السياسة منهج أصر الشيخ زايد، رحمه الله، على تطبيقه، وحجز مكاناً له وسط ضجيج التزييف السياسي.

أنسنه السياسة منهج أصر الشيخ، رحمه الله، على تطبيقه وحجز مكان له وسط ضجيج التزييف السياسي، والزيف اللاأخلاقي الذي يهيمن على العلاقات الدولية، ويوجه العلاقات بين الشعوب والحكومات، فحسن النيات شعار لايزال يراوح على ألسنة السياسيين والقادة وأصحاب القرار، والإنسانية مفهوم فضفاض يفرض فيه القوي رأيه وقراره على الضعيف، والأخلاق لافتة تحمل خلفها وحوشاً تنهش في جسد البشرية وإنسانيتها المستباحة. أما في مفهوم زايد فقد كانت النيات الحسنة سلوكاً ومواقف وليست وثائق تطوى وتحبس في الأدراج، والإنسانية مبادرات تخطت كل المحاذير وتجاوزت كل التصنيفات وتعاملت مع الإنسان لذاته أياً كان وأينما كان، والأخلاق صار ممكناً لها الحضور في قاعات الاجتماعات وكواليس المحادثات وفي بنود الاتفاقات.

بهذه الروح الإنسانية الحكيمة استطاع الشيخ زايد أن يبني دولة اتحادية متلاحمة صارت الخيرية فيها ثقافة عامة ونمط حياة تتوارثه الأجيال، واستطاع أن يمد هذا الدور في الإقليم وخارج الإقليم، ويضع الدولة في مكان الريادة على جميع المستويات بقبول عام وثقة في حسن نيات قيادتها، وتمكن من كسب احترام الخصوم وودّ الأصدقاء على أساس من شفافية الواثق وصدقية الأمين.

الشيخ زايد، رحمه الله، عصي على النسيان لأنه سكن القلوب بإنسانية تجاوزت كل المسافات قبل أن يستقر في دفاتر التاريخ، وترك أنموذجاً إنسانياً ستحمله الأجيال الإماراتية بكل طبقاتها وستظل تتوارثه كأصل في هويتها الوطنية.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر