لحظة

سنعيش مئتي عام!

ياسر حارب

نعم، عنوان المقال هو معلومة صحيحة وليس لجذب القارئ فقط، سنعيش مئتي عام، وربما أكثر! في برنامج لحظة، قرأتُ مع فريق العمل مئات الدراسات في عشرات الموضوعات لنختار ثلاثين موضوعاً للموسم الأول، ومن أكثر الموضوعات التي وجدتُ معظم الدوريات العلمية العريقة تنشر حولها دراسات وأبحاث مطولة هي إطالة عمر الإنسان. لا يعني هذا أن العلماء يبحثون بالتحديد عن كيفية إطالة أعمارنا، لكنهم وصلوا إلى مراحل متقدمة لتحويل الإنسان إلى «سوبرمان» في السنوات المقبلة. خُذ على سبيل المثال كريات الدم البيضاء الاصطناعية، وهي كريات بلاستيكية ستكون مطروحة للاستخدام في السنوات الخمس المقبلة، وستكون مهمتها هي القضاء على الخلايا السرطانية في الجسم. الأغرب منها هي خلايا الدم الحمراء، التي ستتوافر خلال عشر سنوات، وهي ما ستحولنا إلى أناسٍ خارقين. فستكون لدى هذه الكريات قدرة على حمل الأكسجين في الدم أكثر بمئات المرات من كريات دمنا الطبيعية، ما يعني أننا سنتمكن من الجري بسرعة أبطال الأولمبياد الذين يجرون دقيقة أو اثنتين، لكننا سنجري خمس عشرة دقيقة. وسنتمكن من الغوص ساعات عدة، دون الحاجة إلى اسطوانات الهواء، لأن أجسامنا ستكون مليئة بالأكسجين.

وفي جامعة مينوسوتا في أميركا، تمكن العلماء من تصنيع قلب فأر في داخل المختبر، وبعد أسابيع قليلة بدأ القلب ينبض. وفي مستشفى ماساشوستس في أميركاً أيضاً صنعوا رئة فأر وزرعوها فيه وعاش. أما شركة «أورغانوفو» في كاليفورنيا فتعكف حالياً على طباعة أعضاء بشرية، كالكلية والرئة ونسيج الكبد وغيرها، باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد لأنها أدق في التصنيع. كل ذلك يعني أن العلماء سيتمكنون قريباً من تصنيع أي عضو بشري في داخل المختبر، ثم سيستبدلونه بالعضو التالف في المرضى.

أما تقنية هندسة الجينات - سأكتب مقالاً منفصلاً عن هذا الموضوع قريباً - فهي تُنبِئُ بنهاية الأمراض والإعاقات من تاريخ البشرية، وفي حلقة الهندسة الجينية التي ستُعرض في برنامج لحظة، سنستعرض كيفية عمل هذه التقنية بالتفصيل. أما بالنسبة للأطراف الاصطناعية، فلقد تقدم العلم والصناعة في هذا المجال جداً، وقد يأتي يوم يبْتُرُ الإنسان أطرافه السليمة لزراعة أطراف جديدة أكثر جودة وأجمل شكلاً وأسهل استخداماً. أرجو ألا تحملوا كلامي هذا على أنه نوع من الخيال العلمي، بل إن الدراسات العلمية والتجارب - التي عرضنا بعضها في حلقة الإنسان الاصطناعي - تؤكد على أن مفهومنا للصحة الجسدية سيتغير كثيراً في العقد القادم.

كل ما ذكرتُه وأكثر يدل على أن البشرية مقبلة على عصر لم تشهد مثله من قبل، بل إنها لم تتخيل أنه موجود أبداً، وفي خضم هذه التغيرات الحضارية الهائلة، نحتاج إلى أن نقف ونتساءل: هل سيكون لنا دور مع الآخرين؟ أعلم أنكم تتساءلون أيضاً وتقولون: «هل حقاً سنعيش مئتي عام؟» يقول العلماء إن الناس الذين وُلِدوا بعد عام 2000 سيعيشون مئتي عام وربما أكثر، أما نحن، جيل القرن الماضي، فربما نعيش 150 عاماً. ما يهمني هو أن أعيش بكامل قواي العقلية والجسدية حتى آخر يوم في حياتي.. يقول العلماء إن هذا أمر ممكن جداً.

yasser.hareb@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر