5 دقائق

تحديات الإعلام التقليدي وخصوصية الجديد

عبدالله القمزي

«يواجه الإعلام التقليدي أزمة تتعلق بوجوده» نسمع ونقرأ هذه الجملة من أيام الدراسة الجامعية، أي منذ 17 عاماً، وأتذكر جيداً عندما أخذتنا الكلية إلى مؤتمر عن تلك الأزمة في سنة التخرج، ومنذ ذلك اليوم والإعلام التقليدي لايزال في المعادلة على المستوى العالمي.

لم تتمكن شبكة الإنترنت من إزاحة الإعلام التقليدي عند بزوغها مصدراً للأخبار، مع فجر الألفية الجديدة، ولم يتمكن الإعلام الجديد كذلك من إزاحة التقليدي في آخر 10 أعوام.. دعونا نتناول الموضوع من منظور تحليلي.

الإعلام التقليدي معناه أن المتلقي يذهب إلى المصدر للتزود بالمعلومات، أي أن الجمهور يذهب إلى حيث الصحف، أو يجلس في بيته بانتظار نشرة الأخبار المتلفزة. شبكة الإنترنت لم تغير كثيراً في المعادلة بل هي جمعت المصدر والمتلقي على منصة واحدة، فهي وسيط لكنها ألغت العامل المادي (في بعض الصحف) مقابل نشر بعض المواد المميزة حصرياً في النسخة المطبوعة.

الإعلام الجديد (الرقمي) (فيس بوك- تويتر- إنستغرام- سناب شات) ذهب بنفسه إلى الجمهور، فصحافيو اليوم يسوّقون قصصهم على الوسائل كافة، وبالتالي من الصعب عدم الانتباه لها، لكن هذا الإعلام لم يجذب إلا الشريحة المهتمة. فما سر صمود الإعلام التقليدي رغم انخفاض أرقام الطباعة؟ إنها سوق الإعلانات، إذ إن الصحف لاتزال أكثر وسيلة فعالة للوصول إلى الجماهير في أسواق عدة.

على سبيل المثال، صحيفة مثل «واشنطن بوست» تستحوذ على 40% من حصة سوق الإعلانات في منطقتها، وهو ما يشكل مصدر دخل لا غنى عنه للصحيفة، وهذه النسبة قابلة للارتفاع في صحف أخرى، ما يدل على أن هناك أرباحاً تدخل من بوابة الإعلام التقليدي، وبالتالي توظف المؤسسات الصحافية أعداداً كبيرة من العاملين للتركيز على الجانب المطبوع.

الإعلام الرقمي الجديد نجح في جذب أعداد متزايدة من الجمهور، لكن الأرباح المقبلة منه، منصةً إعلاميةً، لا تقترب أبداً من نظيرتها في الإعلام التقليدي. الحل يكمن في إيجاد حل لدر الأرباح يتناسب مع خصوصية الإعلام الرقمي لأنه واضح من التجربة أن الإعلانات في مصلحة الإعلام التقليدي.

هذا الحل يقع جزئياً في أسلوب طرح وسيلة الإعلام لتغطية حدث ما، فلم يعد الموضوع الحصري مادة مضمونة في عالم غوغل، ولم تعد قدرة الصحافي على جذب القارئ عاملاً يدخل في الحسبان، سواء في الإعلام التقليدي أو الرقمي. نحن اليوم في عصر الابتكار والفكرة المبتكرة تسوّق لنفسها في الإعلامين التقليدي والرقمي بلا استثناء.

ولنضرب مثالاً بفكرة صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» بتتبع ثروة مارك زوكربيرغ، مؤسس «فيس بوك» عن طريق ارتفاع أو انخفاض أسهم «فيس بوك» متابعة حية، أو فكرة «ذا نيويورك تايمز» ومجلة «تايم» بتغطية حفل الأوسكار عام 2013، تغطية حية على الموقع الإلكتروني وكل المنصات الرقمية، والفكرتان حققتا نجاحاً كبيراً.

مسك الختام: الحل لتحقيق النجاح وليس فقط الصمود في الإعلام بنسختيه، هو الاستمرار في التأقلم مع التطورات، وعدم الخوف من تجربة ما هو جديد، والأهم هو محاولة استقراء ما سيأتي مستقبلاً.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

تويتر