5 دقائق

هيئة الأمم.. ولعبة الأمم

عادل محمد الراشد

تبدو الساعة البيولوجية لهيئة الأمم المتحدة مضطربة في علامة على شيخوخة تأخرت حسب حسابات مهندسي «لعبة الأمم»، فهذه الهيئة التي رتبت بواسطة وسيطها السابق في اليمن بن عمر للانقلاب الذي نفذه الحوثيون بتواطؤ من جيش علي عبدالله صالح، أفاقت اليوم من غفوة في غير موعدها لتتحدث عن قائمتها السوداء، وكل صحائفها سوداء، وتضع قوات التحالف العربي الذي يدافع عن الشرعية المعترف بها دولياً ضمن هذه القائمة. ولعلها من صدف لعبة الأمم المرتبة مسبقاً أن يخرج البيت الأبيض الأميركي في تناغم غير بريء مع «الموقف الدولي» ليبرئ ساحة الحوثيين من تهمة الإرهاب، وكأنه يمد لسانه مستهزئاً بجراح وآلام الشعب اليمني، معتبراً أن الإرهاب صفة تلاحق من يتعرض للمصالح الأميركية والغربية فقط لا غير.

ابتزاز مكشوف يتلوّن أميركياً وأممياً، والهدف هو تحقيق المزيد من الانكماش في المدى الاستراتيجي للأمن القومي العربي.

في الوقت الذي يتوقع فيه الشعب اليمني أن تمارس الأمم المتحدة المزيد من الضغوط على الحوثيين وصالح للقبول بتسوية تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح تحت لواء الدولة وحكومتها الشرعية، يبدو التنسيق «الأممي» والأميركي مفضوحاً لتحويل وجهة الضغط إلى دول التحالف العربي، لإجبارها على الضغط على الحكومة اليمنية للقبول بشروط الحوثيين والإبقاء على سياسة الأمر الواقع التي فرضها الانقلاب. وهذا يعني، إن حدث، أن تتراجع دول التحالف العربي خطوات عدة داخل سياج أمنها القومي لصالح إيران في المنطقة.

ابتزاز مكشوف يتلون أميركياً وأممياً، والهدف هو تحقيق المزيد من الانكماش في المدى الاستراتيجي للأمن القومي العربي، وتحقيق المزيد من بؤر التوتر القابلة للانفجار حول المجال الأمني العربي عامة وشبه جزيرة العرب خاصة.

المشهد ذاته يبدو مكرراً في العراق وسورية. ميليشيا الحشد الطائفي المتوحشة تمارس كل صنوف الإرهاب والقتل والتنكيل والتهجير والتعدي على الحرمات، ولاتزال خارج قوائم هيئة الأمم السوداء ومصنفات واشنطن للإرهاب. ودور إيراني طائفي معلن في الحرب الأهلية الدائرة في العراق وسورية، ومشاركة واضحة في عمليات التطهير والتهجير والإبادة، وحملة روسية لم تفرق بين المعسكرات والمستشفيات والبيوت الآمنة، وهيئة الأمم تبحث في دليل لعبة الأمم عن مسوغات لهذه الأدوار المنسقة تحت بند محاربة الإرهاب، دون أن تلتفت إلى شهادات الجثث المتفحمة والأرض المحروقة والطفولة المستباحة والإنسانية المفقودة.

لعبة مستمرة لن تتوقف، وعلينا كعرب اليوم أن نختار على أي مربع من الرقعة نقف.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر