كرة قلم

سيميوني.. هل تحسبونها مصادفة

حسن الجسمي

من السهل جداً أن يقوم أي مدرب بما يقوم به المدرب الأرجنتيني لأتلتيكو مدريد سيميوني أمام دكة البدلاء، يقفز ويشجّع ويوجه بشكل غريب. ومن السهل جداً أن تلعب بمنظومة دفاعية، لكن ما يفعله سيميوني ليس مصادفة، والحماسة والدفاع ليسا هما أسلوب نجاحه فقط، كما يعتقد الكثيرون.

• سيميوني هو الوجه المشرق للتدريب في كرة القدم.

بعد أن خسر نهائي دوري الأبطال بشكل دراماتيكي من جاره ريال مدريد قبل عامين، توقع الأغلبية «نهاية الرجل الشجاع»، وأنها من الظواهر التي تتكرر في كرة القدم كل عقدين على الأقل.

لكن قبل بداية الموسم الحالي، صرف سيميوني 108 ملايين يورو على اللاعبين، منها 55 مليوناً على الهجوم، و28 مليوناً على خط الوسط، و25 مليوناً على خط الدفاع. واستغنى عن 20 لاعباً بينهم لاعبون تعدوا الـ30 عاماً، ولاعبون معارون لم يثبتوا أنفسهم، ولا يتناسبون مع منظومته المحكمة، هؤلاء جلبوا لسيميوني جراء بيعهم 108 ملايين يورو، أي انه اشترى وباع اللاعبين بالمبلغ نفسه، ولم يكلف فريقه يورو إضافي في مرحلة التجديد، وجلب لاعبين متوسط أعمارهم 23 عاماً، بينما استغنى عن لاعبين متوسط أعمارهم 26 عاماً.

سيميوني ليس مجرد مدرب حماسي، وليس مدرب يعشق المنظومة الدفاعية، فأن تهزم برشلونة في دوري الأبطال مرتين خلال ثلاثة أعوام، وأن تهزم ريال مدريد ست مرات متتالية، ولأول مرة في تاريخ أتلتيكو مدريد، الأمر يتطلب جهداً بدنياً وتدويراً كبيراً وتحضيراً ذهنياً لا يجيده أغلب المدربين.

وأن تختار لاعبين مثل غراسكو وغريزمان وآخرين وتتحكم بهم مثل قطع الشطرنج الأمر يحتاج إلى مواصفات خاصة. وحتى من خرجوا من فريقه أمثال فيليبي لويس واردا توران أصبحوا كالسمكة التي تغادر البحر، فلم ينجحوا ولم يقدموا نصف ما قدموه مع أتلتيكو مدريد.

إذاً، سيميوني مدرب خارق ودكتور نفسي محنك ومدير رياضي ناجح، أجاد استغلال السوق بعد تجديد عقده حتى 2020، ولم يؤمّن بأموال تشلسي أو بمشاريع الفرق الإنجليزية الأخرى التي طلبت وده، لأنه مقتنع تماماً بمشروعه مع أتلتيكو مدريد ويجني ثمار ذلك يوماً بعد الآخر.

باختصار، سيميوني جعلنا نقتنع بأنه حتى تكون مدرباً عظيماً فلا داعي لأن تملك ميسي ونيمار وسواريز، أو حتى رونالدو وبيل ولاعبين قيمتهم تقارب 100 مليون يورو، سيميوني وبغض النظر عن محصلته في نهاية الموسم هو الوجه المشرق للتدريب في كرة القدم.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر